عندما يموت الحب ...!
تاهتْ نظراتها في أرجاء البيت وهي تُحاوره، أمسكتْ دمعة كادت تَسيل من عينيها الفارغتين، تمنَّت لو تسمع كلمات تُعيد لقلبها رُوح الحب، لكنه بقي صامتًا، فقالت له:
• وهبَتُ لك كلَّ شيء... حتى رُوحي، وشاركتُك أحلامي الصغيرة، وفي الأخير، قلتَ: حبنا صار كمزهرية زجاجيةٍ قد تكسَّرت، ولم يعُد بإمكاننا إصلاحها! واكتشَفتَ لأول مرةٍ أني لست الأنثى التي حلَمت بها، بل إني مجرد امرأة من زمن غابِر! أردتَ أنثى تعرف كل شيء، تفهم في كل شيء، ولها شهادة من مدرسة المغرَمين! و ملاك محصَّن لم تَسلُك طريقًا إلى أي قلب سوى قلبك.
• وصارت هوايتك المفضلة لعْن الحب الذي جمعني بك، وتُتمتِمُ في كل يوم: سُحقًا للقلب الذي تنغَّم بترانيم المغرمين.
زمَّ شفتيه وقاطعها بصوت خفيض قائلاً:
• عزيزتي شعوري نحوك، تحوَّل إلى شيء من الأسى، ظننتُني مِثلَك - أحببتُكِ - فاكتشفتُ أن كل ما كان بيننا مجرَّد وهْم، فبيتُنا من رمال، أساسه من طين، وسقفه من قصب، وجدرانه من ورق، وحين هبت زوبعة شرقية خفيفة، انْهَار بسرعة، وانهار معه الحب!
تَمتمتْ قائلة:
• لم ينْهرْ بيتنا؛ بل الذي انهار هو إحساسك نحوي، تلاشى مع الأيام؛ لأني لست أنثى أحلامك.
تَنفَّست بعمق وألقت بناظريها في السقف، ثم أردفت بصوت كالفحيح:
• قدَّمت لك كل ما أستطيع، توَّجتك ملِكًا على عرش قلبي، وحولتني إلى أسيرة في قفصِ اتِّهاماتك السخيفة، وأدركتَ حين ذاك أن الحب وحدَه لا يكفي!
أتذكُر يا رفيقي؟ دومًا تذكِّرني بشكلي، قائلاً: يا لك من سمينة! زوجات أصدقائي كلهن نحيفات، بينما أنت أشبَه ببهيمة، يا لسوء حظي تزوَّجتُ بآكلة اللحوم! وحين أسرِّح شعري تقول: إن الشيء الوحيد الجميل فيكِ هو خُصُلات الشَّيْب، وحين آكل، تقول: إنني أفترِس الطعام بشراهة، ولا أراعي وضْعك المادي، ويا لك من مسكين تعمل من أجل إطعام غُولة لا تتوقَّف عن الأكل!
آه.. جرحتَني.. آلَمتني.. وحطَّمت الآمال التي نسجتُها معك في أحلامي!
• آسف عزيزتي كل ما قلتُ لك مجرد حالة هَذيان أُصِبت بها! لكني اليوم تجاوزتها فسامحيني.
• من السهل القول: سامحيني، لكن لا.. أجل لا.. سننفصِل، وكل واحد منا يذهب في طريقه.
ماذا؟!
وقَف برهة وهو يتأمَّل ملامح وجهها المستبِد بالهموم، ومُقلتيها المحقَنة بالدموع، ثم طأطأ رأسه واتَّجه إلى باب البيت وغادر.
استجمَعت أطرافها الملتهِبة، وجلستْ في هدوء لم تعهَده من قبل، فكَّرت في أيام راحت من عمرها معه، سنوات لا تُعوَّض من الحب والمودة، وأخرى عِجاف وملأى بالأسقام! هاجمتْها أسئلة متناثِرة في مُخيّلتها المتراقِصة بأحاسيس ميتة، وتساءلتْ بلهجة المخنوق: أتُرى مات الحب؟! ألمْ يعُد ذاك الشغف يملأ الفؤاد؟! وإن مات، فمن القاتل يا تُرى؟!! كنت دومًا أقول: إن داخلي شعلة من الوُدِّ نحوه لن تنتهي إلاّ بنهاية العمر، ويستوطنني ريحان مزهوٌّ بأريج نسيم الافتتان، ويَسري في حناياي كالعسل المُحلَّى، وموته محال!
وبينما هي تذُم من قتَل الحب، أقبل عليها بالورود، وقدَّمها لها مُرتجيًا الود، فأدارت ظهرها له قائلة:
• لن تَشتريني بورودك، لن أكون لك بعد اليوم، انتهى كل شيء.. فرجاءً ارحَل من دون خِصام، وليبقى القليل من الاحترام؛ فحبنا مات حين غرَّدتَ خارج قفصنا!
غمغم قائلاً:
• إن كان هذا هو خيارَك فسأرحَل، ولن تريني بعد اليوم، واعلَمي أني أحببتُك أكثر مما تتصوَّرين، لكن لساني خائن، فسُحقًا له! لم يعبِّر لك عما بداخلي.
لم تتطلَّع إلى وجهه وهو يتحدَّث، وحين أنهى كلامه، جمَع ما كان له، ورحل مع حقيبته، وحين غادَر التفتتْ إليه من لا شعور، ولعبت كلماته الأخيرة على أوتار فؤادها، فتراقص للنداء.
التفَّ الصغار بها ممسكين بأناملهم ثوبَها، آملين لو تمنعه، فكم من حب مات واستمرَّت الحياة! فربما يعود يومًا ما ليَسكن الضلوع على غفْلة ويَكتِم الأنفاس.
بعد لحظات قصيرة من رحيله، دقَّ قلبها نابضًا بالشَّغف القديم، فسارَعت الخُطى خارج البيت، وحين لم تجده في الحي - تَسارَعت دقات القلب - فركضت بين الأزِقة باحثة عنه، إلى أن لمحته واقفًا يحاوِل عبور أحد الشوارع الرئيسة فنادت عليه:
• انتظر، انتظر...
وقَف صامتًا متسمِّرًا مكانه، وقد أضاء الانشراح قَسمات وجهه، لم يَدرِ ما يقول لها، فاقترَبتْ منه قائلة بلهجة امرأة ذات كبرياء آيل للسقوط:
• انحنيتُ لالتقاط ما تبقَّى من حبنا، فتذكَّرت أن كل شيء يسقُط مني لا أرفعه، فحين مات حبنا، لم يكن هناك أمل، لكن اليوم...
قاطَعها معاتبًا:
• شاركتِ في هلاكه؛ ومحْوه من داخلنا..
• عزيزي، حين مات الحب داخلك يا من وهبتُ له حياتي، كان عليك الرحيل في صمت من دون أن تجرَحني كل يوم!
تطلَّع إليها بصمت، وردَّدت داخلها: "أحذِّرك أن تتركني وراءك كنعلك القديم، وتبحث عن اللذة في أحضان امرأة غيري؛ لأنك لو فعلت فلعنتي ستلاحِقك مدى عمرك الباقي، ولن ترى السلام وستشْقى وتحترق بلهيب ظلِّ نظارتي! ومع الأيام ستتلاشى مثل شمعةٍ أضيئت في عَتَمَة الشتاء؛ لتتجمَّد بعدها بصعْقة برْقٍ تُضيء طريق التائهين العابرين للقاء أحبَّتهم وتطويقهم بين أحضانهم من البرد القارس! وأنت.. أنت حبيب قلبي ستبقى وحيدًا بين أحضان الوَحدة السحيقة، وأنا سأعانِِق أيامٍ خلتْ من الحب؛ لأني أحببتُك حبًّا يفوق الحب، وجعلني حبك أمَةً لك، وبَصمْت حروف اسمك وملامحك بصمتٍ على رمش عيني، ولم أعُد قادرة على محوك من ذاكرتي، فقد استوطنتَ داخلي كالفيروس، فمعك حبيبي عرفت الحبَّ، ومعك فقط أدركتُ أن الحب يموت، وحين يموت ويتلاشى في الهواء، يبقى رماده يدغدِغنا من حين إلى آخر".
قرأ كلماتها الصامتة في أحداقها، فحضَنها قائلاً:
• حين يموت الحب، علينا دفنه داخلنا، كي نحيا على ذكراه!
ابتسمت ابتسامة خفيفة وردَّتْ:
• أو نَسقيه بالطيب كي يعود للحياة!
تاهتْ نظراتها في أرجاء البيت وهي تُحاوره، أمسكتْ دمعة كادت تَسيل من عينيها الفارغتين، تمنَّت لو تسمع كلمات تُعيد لقلبها رُوح الحب، لكنه بقي صامتًا، فقالت له:
• وهبَتُ لك كلَّ شيء... حتى رُوحي، وشاركتُك أحلامي الصغيرة، وفي الأخير، قلتَ: حبنا صار كمزهرية زجاجيةٍ قد تكسَّرت، ولم يعُد بإمكاننا إصلاحها! واكتشَفتَ لأول مرةٍ أني لست الأنثى التي حلَمت بها، بل إني مجرد امرأة من زمن غابِر! أردتَ أنثى تعرف كل شيء، تفهم في كل شيء، ولها شهادة من مدرسة المغرَمين! و ملاك محصَّن لم تَسلُك طريقًا إلى أي قلب سوى قلبك.
• وصارت هوايتك المفضلة لعْن الحب الذي جمعني بك، وتُتمتِمُ في كل يوم: سُحقًا للقلب الذي تنغَّم بترانيم المغرمين.
زمَّ شفتيه وقاطعها بصوت خفيض قائلاً:
• عزيزتي شعوري نحوك، تحوَّل إلى شيء من الأسى، ظننتُني مِثلَك - أحببتُكِ - فاكتشفتُ أن كل ما كان بيننا مجرَّد وهْم، فبيتُنا من رمال، أساسه من طين، وسقفه من قصب، وجدرانه من ورق، وحين هبت زوبعة شرقية خفيفة، انْهَار بسرعة، وانهار معه الحب!
تَمتمتْ قائلة:
• لم ينْهرْ بيتنا؛ بل الذي انهار هو إحساسك نحوي، تلاشى مع الأيام؛ لأني لست أنثى أحلامك.
تَنفَّست بعمق وألقت بناظريها في السقف، ثم أردفت بصوت كالفحيح:
• قدَّمت لك كل ما أستطيع، توَّجتك ملِكًا على عرش قلبي، وحولتني إلى أسيرة في قفصِ اتِّهاماتك السخيفة، وأدركتَ حين ذاك أن الحب وحدَه لا يكفي!
أتذكُر يا رفيقي؟ دومًا تذكِّرني بشكلي، قائلاً: يا لك من سمينة! زوجات أصدقائي كلهن نحيفات، بينما أنت أشبَه ببهيمة، يا لسوء حظي تزوَّجتُ بآكلة اللحوم! وحين أسرِّح شعري تقول: إن الشيء الوحيد الجميل فيكِ هو خُصُلات الشَّيْب، وحين آكل، تقول: إنني أفترِس الطعام بشراهة، ولا أراعي وضْعك المادي، ويا لك من مسكين تعمل من أجل إطعام غُولة لا تتوقَّف عن الأكل!
آه.. جرحتَني.. آلَمتني.. وحطَّمت الآمال التي نسجتُها معك في أحلامي!
• آسف عزيزتي كل ما قلتُ لك مجرد حالة هَذيان أُصِبت بها! لكني اليوم تجاوزتها فسامحيني.
• من السهل القول: سامحيني، لكن لا.. أجل لا.. سننفصِل، وكل واحد منا يذهب في طريقه.
ماذا؟!
وقَف برهة وهو يتأمَّل ملامح وجهها المستبِد بالهموم، ومُقلتيها المحقَنة بالدموع، ثم طأطأ رأسه واتَّجه إلى باب البيت وغادر.
استجمَعت أطرافها الملتهِبة، وجلستْ في هدوء لم تعهَده من قبل، فكَّرت في أيام راحت من عمرها معه، سنوات لا تُعوَّض من الحب والمودة، وأخرى عِجاف وملأى بالأسقام! هاجمتْها أسئلة متناثِرة في مُخيّلتها المتراقِصة بأحاسيس ميتة، وتساءلتْ بلهجة المخنوق: أتُرى مات الحب؟! ألمْ يعُد ذاك الشغف يملأ الفؤاد؟! وإن مات، فمن القاتل يا تُرى؟!! كنت دومًا أقول: إن داخلي شعلة من الوُدِّ نحوه لن تنتهي إلاّ بنهاية العمر، ويستوطنني ريحان مزهوٌّ بأريج نسيم الافتتان، ويَسري في حناياي كالعسل المُحلَّى، وموته محال!
وبينما هي تذُم من قتَل الحب، أقبل عليها بالورود، وقدَّمها لها مُرتجيًا الود، فأدارت ظهرها له قائلة:
• لن تَشتريني بورودك، لن أكون لك بعد اليوم، انتهى كل شيء.. فرجاءً ارحَل من دون خِصام، وليبقى القليل من الاحترام؛ فحبنا مات حين غرَّدتَ خارج قفصنا!
غمغم قائلاً:
• إن كان هذا هو خيارَك فسأرحَل، ولن تريني بعد اليوم، واعلَمي أني أحببتُك أكثر مما تتصوَّرين، لكن لساني خائن، فسُحقًا له! لم يعبِّر لك عما بداخلي.
لم تتطلَّع إلى وجهه وهو يتحدَّث، وحين أنهى كلامه، جمَع ما كان له، ورحل مع حقيبته، وحين غادَر التفتتْ إليه من لا شعور، ولعبت كلماته الأخيرة على أوتار فؤادها، فتراقص للنداء.
التفَّ الصغار بها ممسكين بأناملهم ثوبَها، آملين لو تمنعه، فكم من حب مات واستمرَّت الحياة! فربما يعود يومًا ما ليَسكن الضلوع على غفْلة ويَكتِم الأنفاس.
بعد لحظات قصيرة من رحيله، دقَّ قلبها نابضًا بالشَّغف القديم، فسارَعت الخُطى خارج البيت، وحين لم تجده في الحي - تَسارَعت دقات القلب - فركضت بين الأزِقة باحثة عنه، إلى أن لمحته واقفًا يحاوِل عبور أحد الشوارع الرئيسة فنادت عليه:
• انتظر، انتظر...
وقَف صامتًا متسمِّرًا مكانه، وقد أضاء الانشراح قَسمات وجهه، لم يَدرِ ما يقول لها، فاقترَبتْ منه قائلة بلهجة امرأة ذات كبرياء آيل للسقوط:
• انحنيتُ لالتقاط ما تبقَّى من حبنا، فتذكَّرت أن كل شيء يسقُط مني لا أرفعه، فحين مات حبنا، لم يكن هناك أمل، لكن اليوم...
قاطَعها معاتبًا:
• شاركتِ في هلاكه؛ ومحْوه من داخلنا..
• عزيزي، حين مات الحب داخلك يا من وهبتُ له حياتي، كان عليك الرحيل في صمت من دون أن تجرَحني كل يوم!
تطلَّع إليها بصمت، وردَّدت داخلها: "أحذِّرك أن تتركني وراءك كنعلك القديم، وتبحث عن اللذة في أحضان امرأة غيري؛ لأنك لو فعلت فلعنتي ستلاحِقك مدى عمرك الباقي، ولن ترى السلام وستشْقى وتحترق بلهيب ظلِّ نظارتي! ومع الأيام ستتلاشى مثل شمعةٍ أضيئت في عَتَمَة الشتاء؛ لتتجمَّد بعدها بصعْقة برْقٍ تُضيء طريق التائهين العابرين للقاء أحبَّتهم وتطويقهم بين أحضانهم من البرد القارس! وأنت.. أنت حبيب قلبي ستبقى وحيدًا بين أحضان الوَحدة السحيقة، وأنا سأعانِِق أيامٍ خلتْ من الحب؛ لأني أحببتُك حبًّا يفوق الحب، وجعلني حبك أمَةً لك، وبَصمْت حروف اسمك وملامحك بصمتٍ على رمش عيني، ولم أعُد قادرة على محوك من ذاكرتي، فقد استوطنتَ داخلي كالفيروس، فمعك حبيبي عرفت الحبَّ، ومعك فقط أدركتُ أن الحب يموت، وحين يموت ويتلاشى في الهواء، يبقى رماده يدغدِغنا من حين إلى آخر".
قرأ كلماتها الصامتة في أحداقها، فحضَنها قائلاً:
• حين يموت الحب، علينا دفنه داخلنا، كي نحيا على ذكراه!
ابتسمت ابتسامة خفيفة وردَّتْ:
• أو نَسقيه بالطيب كي يعود للحياة!
الخميس يوليو 25, 2019 12:37 am من طرف ياتي
» اين هم بنو تغلب اليوم؟
الخميس يوليو 25, 2019 12:29 am من طرف ياتي
» نحن بنو محلّم بن ذهل بن شيبان
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:21 pm من طرف Admin
» هل هذه الاشعار للهجتنا المحلمية؟
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:18 pm من طرف Admin
» كلام يجب أن يُقال!
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:16 pm من طرف Admin
» الفرع هو الذي يتبع الأصل
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:14 pm من طرف Admin
» الكوسوسية في طور عابدين
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:13 pm من طرف Admin
» باعربايا في المصادر التاريخية
الجمعة ديسمبر 28, 2018 6:06 pm من طرف Admin
» العرب بين التاريخ والجغرافية
الجمعة ديسمبر 28, 2018 6:03 pm من طرف Admin
» هل المحلمية قبيلة قائمة بحد ذاتها أم منطقة يُقال لكل من يسكنها محلّمي؟
الأحد نوفمبر 04, 2018 11:52 pm من طرف Admin
» بيت شعر للشيخ يونس بن يوسف الشيباني باللهجة المحلمية
الأحد نوفمبر 04, 2018 11:49 pm من طرف Admin
» السريانية كنيسة وليست قومية
الأحد نوفمبر 04, 2018 11:47 pm من طرف Admin
» وفاة شيخ قبيلة المحلمية رفعت صبري ابو قيس
الأحد نوفمبر 05, 2017 10:56 am من طرف ابن قيس المحلمي
» السلام عليكم
الإثنين أغسطس 21, 2017 11:03 pm من طرف narimen boudaya
» المجموعة الكاملة للفنان جان كارات
الأربعاء يونيو 28, 2017 1:23 am من طرف nadanadoz