"السريانية كنيسة وليست قومية"
كثيرا ما كنا نتعرض نحن المحلميون لعمليات قرصنة عرقية وتاريخية من قبل اثنيات وقوميات اخرى ومنها السريانية فمن هم هؤلاء السريان؟
الكنيسة وبمنعوتها السريانية (Syrian Church) اسمان متلازمان اجتمعا في عبارة واحدة منذ أن تأسست هذه الكنيسة، والتي عرفت بالكنيسة الانطاكية السورية لتتميز عن غيرها من الكنائس الأخرى التي تأسست في بداية المسيحية، كالكنيسة الرومانية اللاتينية، والكنيسة الإسكندرية القبطية، والكنيسة الفلسطينية البيزنطية. والسريان (ٍSyrian) لفظة لاتينية تعني سورية أطلقها اليونان على هذه الكنيسة وعلى اتباعها بمختلف اعراقهم واجناسهم .
وكان مبشرو هذه الكنيسة قد انتشروا بعد تأسيسها في بداية المسيحية في كل أصقاع الأرض، واستطاعوا أن ينصروا الكثير من سكان المناطق التي كانوا يصلونها. ولهذه الكنيسة لغة رسمية خاصة بها تسمى السريانية، وهي اللغة التي تحدث بها السيد المسيح عيسى عليه السلام، تستخدم في مخطوطاتها الدينية وصلواتها وتراتيلها.
وكان جبل الطور البري من المناطق التي وصل إليها هؤلاء المبشرون، وانتشروا فيه كما في غيره من مناطق باعربايا عند بداية انتشار المسيحية، فكانوا يتقاطرون الى هذه الديار على شكل سياح مبشرين لنشر هذا الدين، وكانوا من ملل مختلفة فيهم المصري، والحلبي، والانطاكي، والحبشي، ولازالت بقاياهم موجودة في بازبدي (آزخ) ويقال لهم المصركية والسودانكية.
وأسس هؤلاء المبشرون كنائسهم وأديرتهم على ارض الجزيرة الفراتية، وأخذوا يدعون الناس فيها إلى هذا الدين الجديد، واستطاعوا أن ينصروا الكثير من ابناء تلك المنطقة من العرب، وخاصة عرب قضاعة كما ذكر المؤرخ لويس شيخو في كتابه النصرانية وآدابها : "أما كون العرب كانوا من جملة المتنصرين فيشهد عليه ابن ديصان الذي عاش بالرها، ويذكر أن أهل الرها، وأهل حضر كانوا من عرب قضاعة عليهم ملك يمتد ملكه في انحاء الجزيرة، فقال عنه عدّي بن زيد:
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة *** تجبى إليه والخابور".(1)
وأن بني كلب بطن من قضاعة، وهي القبيلة اليمنية الأصل التي أجمع الكتبة على تنصرها، كابن قتيبة واليعقوبي والنويري وخصوا بالذكر بعض بطونها كـ بني سليح ،وبني جرم.(2) وبني عذرة بن الحاف بن قضاعة(3)". ولهذا نرى أنَّ هناك أماكن وقرى في منطقة طور عابدين، والجزيرة الفراتية تحمل اسماء هذه القبائل العربية القضاعية النصرانية مثل : بنيكلبا(بني كلب)، وصليح(سليح)، وباجرمي (بني جرم)، وباعذرة (بني عذرة).
ثم جاء القرن الرابع والخامس فكانا زمن انتصارالدين المسيحي في العالم الروماني كما ذكر شيخو فظهرت النصرانية في كل رونقها وجلالها في انحاء الجزيرة فاستقت القبائل العربية هناك من مواردها العذبة، وكان ذلك على الأخص بواسطة الرهبان والسياح، الذين اختاروا بلاد الجزيرة ليقدسوها بفضائلهم، وكان منشئ العيشة الرهبانية في الجزيرة القديس أوجين .. وقد أجمع المؤرخون الكلدان والسريان إنه قدم من مصر في العشر الثاني من القرن الرابع وسكن في جبل نصيبين المسمى جبل الأزل الذي سماه السريان (إزلا)"وبشر بالإيمان في نصيبين وعمّد عاملها وأولاده، وطاف بلاد قردى وبازبدي وجهات نصيبين حيث كانت "قبائل ألعرب" وتلمذ الناس، وبنى الأديرة ومنها دير الزعفران مقام بطاركة اليعاقبة في يومنا وهو قرب ماردين، وما يدل على انتشار القبائل العربية في الأنحاء المذكورة أعلامها المشيرة إلى قاطنيها كباعربايا وجزيرة ابن عمر "وديار ربيعة وديار بكر وديار مضر وغير ذلك".(4)
وبفضل هؤلاء المبشرين انتشرت المسيحية في منطقة طور عابدين، وفي المناطق المجاورة لها وكثر معتنقيها، وفي عام 518م تم نقل مقر رئاسة الكنيسة السريانية من انطاكيا إلى "دير الزعفران" القريب من ماردين جراء الاضطهاد الذي كانت تتعرض له هناك، وانتقل معها اعداد كبيرة من اتباع هذه الكنيسة من يهود متنصرين ، ويونان، ورومان، واستقروا في جبل الطور وفي المناطق المجاورة له، واستطاعوا هناك أن ينصروا الكثير من ابناء تلك القبائل العربية التي تواجدت في تلك البلاد، واستقرت فيها خلال مراحل مختلفة مثل: قضاعة وتغلب والنمر وشيبان وغيرها من القبائل العربية الأخرى، والكثير من قراهم لازالت عامرة إلى اليوم في جبل الطور، وماردين، وبازبدي، والموصل، وبعشيقا، وبهزاني، ويتحدثون العربية القديمة مسلمين ومسيحيين.
وبهذا الخصوص يقول شيخو: . أما القبائل التي كانت تسكن في تلك الجهات فكانت من ذرية نزار بعد معد كإياد بن نزار بعد فرارهم من تخوم العجم ومضر بن نزار منهم بنو النمر بن قاسط ولاسيما بني ربيعة منهم خصوصاً بنو تغلب وبني بكر وبني شيبان".(5)
وأخذت هذه الكنيسة تقسم المنطقة إداريا، وكنسيا، وتمنحها الأسماء بحسب لغتها وبسابقة أطلقتها على اسماء الكثير من المناطق والقرى اختصت هي بها دون غيرها وهذه السابقة هي (با) أو (بيث)، فكانت اختصارا لكلمة ارض او ديار مثل، بيث آرام: بلاد الاراميين، باعربايا: موطن العرب، باقردي: بلاد الكُرد.(6) وأطلقت اسم (بيث محلّم) على منطقة سكن المحلمية(7).
وكانت معظم اسماء اديرتهم بالعربي، كون معظم سكان المنطقة كانوا من العرب، مثل دير الزعفران، ودير العمر والدير القائم، ودير مار دودو السدوسي الشيباني، ودير يوحنا الطائي وغيرها....
وعادة ما كان يُنحَت على أبواب وجدران هذه الكنائس باللغة السريانية، كونها اللغة الكنسية، وهذا يجعلك تعتقد للوهلة الأولى أن هذه المنطقة كانت ذات يوم منطقة سريانية بامتياز، وأن جلَّ ساكنيها كانوا من ابناء قومية يقال لها السريانية، حالهم حال الترك، والعرب، والكرد، ويوحى لك أنَّ السريان هم أمة كان لها أرض وتاريخ ، وأمجاد، وحضارة، وهذا ما تنفيه وترفضه الوقائع، وحقائق التاريخ التي تبين بأنها ليس أكثر من ادعاءات أخذ يروج لها مجموعة من السياسيين المسيحيين الناطقين بالسريانية أرادوا أن يجعلوا من السريان قومية، مثلها مثل القومية التركية، والعربية، والفارسية معتمدين على هذه الكنائس، والأديرة، وما عليها من كتابات باللغة السريانية الكنسية، ولو كانت الأمور تقاس بهذا الشكل، لكان من حق العرب أيضا أن يطالبوا بعروبة بلاد الترك، وبلاد فارس، لوجود المساجد القديمة على اراضيهم، التي تزهو بالنقوش، والكتابابات العربية الاسلامية، وهناك من المؤرخين النصارى من أشار إلى عروبة تلك الديار، أمثال المؤرخ لويس شيخو الذي قال في كتابه النصرانية وآدابها :"ونصيين ودارا ودنيسر وآمد وميافارقين وسعرت وماردين والرقة ورأس العين وقرقميش وقرقيسيا والرها، التي يطلق على مجموعها اسم الجزيرة. فتلك البلاد المتدفقة بالنعم الزاخرة بالخير، قد أحبتها منذ سالف الأجيال قبائل العرب سواء كانوا من أهل الحضر، أو من أهل المدر، إذ كانوا يجدون فيها ما يصلح لمعاشهم الساذج ولرعية مواشيهم، فينتقلون إذا شاءوا من الأرياف إلى البراري، ليس من يتعرض لاستقلالهم، أو يتداخل في أمورهم غير شيوخهم، وأمراء عشائرهم.ولم ينفصل اسم الكنيسة عن السريانية، ولم يتم التفريق بينهما إلا مع بداية ظهور النزعات القومية في العقود القليلة الماضية، والذي أدى إلى تبلور تنظيمات اجتماعية مختلفة في أهدافها، وأفكارها، وتوجهاتها، وكانت السريانية بشقيها المسلم والمسيحي من ضمن تلك التنظيمات، متعللة بوجود قرى سريانية، أصحابها مسلمون ومسيحيون في منطقة القلمون (جبعدين، معلولا، الصرخة) لايزالون يتحدثون باللغة السريانية، متناسين أنَّ سكان هذه البلدات الثلاثة كانوا من المسيحيين السريان، فاسلم أهالي بخعا وجبعدين في حين بقيت معلولا على مسيحيتها كما يقول أهالي هذه القرى.
ومع ان سريان هاتين البلدتين دخلوا الاسلام إلا أنهم حافظوا على لغتهم السريانية، لأنَّ الاسلام وهبهم دينا، ولم يفرض عليهم لغة، ولو كان الأمر كذلك لشاهدنا اليوم كل المسيحيين السريان في طور عابدين يتحدثون بالسريانية، وكل الفرس، والترك يتحدثون بالعربية.
ونستخلص مما ذكرناه أن السريانية كنيسة لها اتباع من العرب والفرس والآراميين واليونان والهنود وغيرهم وليست قومية كما أراد لها هؤلاء السياسيين المتحدثين بالسريانية.
عبد القادر عثمان
---------------------------------------------------
1-لويس شيخو في "النصرانية وآدابها"باب النصرانية في الجزيرة ص96 :
2-لويس شيخو -النصرانية وآدابها ص104
3-الانساب للسمعاني ص172 ج7.
4- لويس شيخو- النصرانيةوآدابها ص 96.
5-شيخو النصرانية وأدابها ص94
6- د. عامر عبد الله الجميلي كلية الآثار/جامعة الموصل
7- أيوب البانعماني - حياة مار شمعون الزيتوني في القرن العاشر الميلادي.
كثيرا ما كنا نتعرض نحن المحلميون لعمليات قرصنة عرقية وتاريخية من قبل اثنيات وقوميات اخرى ومنها السريانية فمن هم هؤلاء السريان؟
الكنيسة وبمنعوتها السريانية (Syrian Church) اسمان متلازمان اجتمعا في عبارة واحدة منذ أن تأسست هذه الكنيسة، والتي عرفت بالكنيسة الانطاكية السورية لتتميز عن غيرها من الكنائس الأخرى التي تأسست في بداية المسيحية، كالكنيسة الرومانية اللاتينية، والكنيسة الإسكندرية القبطية، والكنيسة الفلسطينية البيزنطية. والسريان (ٍSyrian) لفظة لاتينية تعني سورية أطلقها اليونان على هذه الكنيسة وعلى اتباعها بمختلف اعراقهم واجناسهم .
وكان مبشرو هذه الكنيسة قد انتشروا بعد تأسيسها في بداية المسيحية في كل أصقاع الأرض، واستطاعوا أن ينصروا الكثير من سكان المناطق التي كانوا يصلونها. ولهذه الكنيسة لغة رسمية خاصة بها تسمى السريانية، وهي اللغة التي تحدث بها السيد المسيح عيسى عليه السلام، تستخدم في مخطوطاتها الدينية وصلواتها وتراتيلها.
وكان جبل الطور البري من المناطق التي وصل إليها هؤلاء المبشرون، وانتشروا فيه كما في غيره من مناطق باعربايا عند بداية انتشار المسيحية، فكانوا يتقاطرون الى هذه الديار على شكل سياح مبشرين لنشر هذا الدين، وكانوا من ملل مختلفة فيهم المصري، والحلبي، والانطاكي، والحبشي، ولازالت بقاياهم موجودة في بازبدي (آزخ) ويقال لهم المصركية والسودانكية.
وأسس هؤلاء المبشرون كنائسهم وأديرتهم على ارض الجزيرة الفراتية، وأخذوا يدعون الناس فيها إلى هذا الدين الجديد، واستطاعوا أن ينصروا الكثير من ابناء تلك المنطقة من العرب، وخاصة عرب قضاعة كما ذكر المؤرخ لويس شيخو في كتابه النصرانية وآدابها : "أما كون العرب كانوا من جملة المتنصرين فيشهد عليه ابن ديصان الذي عاش بالرها، ويذكر أن أهل الرها، وأهل حضر كانوا من عرب قضاعة عليهم ملك يمتد ملكه في انحاء الجزيرة، فقال عنه عدّي بن زيد:
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة *** تجبى إليه والخابور".(1)
وأن بني كلب بطن من قضاعة، وهي القبيلة اليمنية الأصل التي أجمع الكتبة على تنصرها، كابن قتيبة واليعقوبي والنويري وخصوا بالذكر بعض بطونها كـ بني سليح ،وبني جرم.(2) وبني عذرة بن الحاف بن قضاعة(3)". ولهذا نرى أنَّ هناك أماكن وقرى في منطقة طور عابدين، والجزيرة الفراتية تحمل اسماء هذه القبائل العربية القضاعية النصرانية مثل : بنيكلبا(بني كلب)، وصليح(سليح)، وباجرمي (بني جرم)، وباعذرة (بني عذرة).
ثم جاء القرن الرابع والخامس فكانا زمن انتصارالدين المسيحي في العالم الروماني كما ذكر شيخو فظهرت النصرانية في كل رونقها وجلالها في انحاء الجزيرة فاستقت القبائل العربية هناك من مواردها العذبة، وكان ذلك على الأخص بواسطة الرهبان والسياح، الذين اختاروا بلاد الجزيرة ليقدسوها بفضائلهم، وكان منشئ العيشة الرهبانية في الجزيرة القديس أوجين .. وقد أجمع المؤرخون الكلدان والسريان إنه قدم من مصر في العشر الثاني من القرن الرابع وسكن في جبل نصيبين المسمى جبل الأزل الذي سماه السريان (إزلا)"وبشر بالإيمان في نصيبين وعمّد عاملها وأولاده، وطاف بلاد قردى وبازبدي وجهات نصيبين حيث كانت "قبائل ألعرب" وتلمذ الناس، وبنى الأديرة ومنها دير الزعفران مقام بطاركة اليعاقبة في يومنا وهو قرب ماردين، وما يدل على انتشار القبائل العربية في الأنحاء المذكورة أعلامها المشيرة إلى قاطنيها كباعربايا وجزيرة ابن عمر "وديار ربيعة وديار بكر وديار مضر وغير ذلك".(4)
وبفضل هؤلاء المبشرين انتشرت المسيحية في منطقة طور عابدين، وفي المناطق المجاورة لها وكثر معتنقيها، وفي عام 518م تم نقل مقر رئاسة الكنيسة السريانية من انطاكيا إلى "دير الزعفران" القريب من ماردين جراء الاضطهاد الذي كانت تتعرض له هناك، وانتقل معها اعداد كبيرة من اتباع هذه الكنيسة من يهود متنصرين ، ويونان، ورومان، واستقروا في جبل الطور وفي المناطق المجاورة له، واستطاعوا هناك أن ينصروا الكثير من ابناء تلك القبائل العربية التي تواجدت في تلك البلاد، واستقرت فيها خلال مراحل مختلفة مثل: قضاعة وتغلب والنمر وشيبان وغيرها من القبائل العربية الأخرى، والكثير من قراهم لازالت عامرة إلى اليوم في جبل الطور، وماردين، وبازبدي، والموصل، وبعشيقا، وبهزاني، ويتحدثون العربية القديمة مسلمين ومسيحيين.
وبهذا الخصوص يقول شيخو: . أما القبائل التي كانت تسكن في تلك الجهات فكانت من ذرية نزار بعد معد كإياد بن نزار بعد فرارهم من تخوم العجم ومضر بن نزار منهم بنو النمر بن قاسط ولاسيما بني ربيعة منهم خصوصاً بنو تغلب وبني بكر وبني شيبان".(5)
وأخذت هذه الكنيسة تقسم المنطقة إداريا، وكنسيا، وتمنحها الأسماء بحسب لغتها وبسابقة أطلقتها على اسماء الكثير من المناطق والقرى اختصت هي بها دون غيرها وهذه السابقة هي (با) أو (بيث)، فكانت اختصارا لكلمة ارض او ديار مثل، بيث آرام: بلاد الاراميين، باعربايا: موطن العرب، باقردي: بلاد الكُرد.(6) وأطلقت اسم (بيث محلّم) على منطقة سكن المحلمية(7).
وكانت معظم اسماء اديرتهم بالعربي، كون معظم سكان المنطقة كانوا من العرب، مثل دير الزعفران، ودير العمر والدير القائم، ودير مار دودو السدوسي الشيباني، ودير يوحنا الطائي وغيرها....
وعادة ما كان يُنحَت على أبواب وجدران هذه الكنائس باللغة السريانية، كونها اللغة الكنسية، وهذا يجعلك تعتقد للوهلة الأولى أن هذه المنطقة كانت ذات يوم منطقة سريانية بامتياز، وأن جلَّ ساكنيها كانوا من ابناء قومية يقال لها السريانية، حالهم حال الترك، والعرب، والكرد، ويوحى لك أنَّ السريان هم أمة كان لها أرض وتاريخ ، وأمجاد، وحضارة، وهذا ما تنفيه وترفضه الوقائع، وحقائق التاريخ التي تبين بأنها ليس أكثر من ادعاءات أخذ يروج لها مجموعة من السياسيين المسيحيين الناطقين بالسريانية أرادوا أن يجعلوا من السريان قومية، مثلها مثل القومية التركية، والعربية، والفارسية معتمدين على هذه الكنائس، والأديرة، وما عليها من كتابات باللغة السريانية الكنسية، ولو كانت الأمور تقاس بهذا الشكل، لكان من حق العرب أيضا أن يطالبوا بعروبة بلاد الترك، وبلاد فارس، لوجود المساجد القديمة على اراضيهم، التي تزهو بالنقوش، والكتابابات العربية الاسلامية، وهناك من المؤرخين النصارى من أشار إلى عروبة تلك الديار، أمثال المؤرخ لويس شيخو الذي قال في كتابه النصرانية وآدابها :"ونصيين ودارا ودنيسر وآمد وميافارقين وسعرت وماردين والرقة ورأس العين وقرقميش وقرقيسيا والرها، التي يطلق على مجموعها اسم الجزيرة. فتلك البلاد المتدفقة بالنعم الزاخرة بالخير، قد أحبتها منذ سالف الأجيال قبائل العرب سواء كانوا من أهل الحضر، أو من أهل المدر، إذ كانوا يجدون فيها ما يصلح لمعاشهم الساذج ولرعية مواشيهم، فينتقلون إذا شاءوا من الأرياف إلى البراري، ليس من يتعرض لاستقلالهم، أو يتداخل في أمورهم غير شيوخهم، وأمراء عشائرهم.ولم ينفصل اسم الكنيسة عن السريانية، ولم يتم التفريق بينهما إلا مع بداية ظهور النزعات القومية في العقود القليلة الماضية، والذي أدى إلى تبلور تنظيمات اجتماعية مختلفة في أهدافها، وأفكارها، وتوجهاتها، وكانت السريانية بشقيها المسلم والمسيحي من ضمن تلك التنظيمات، متعللة بوجود قرى سريانية، أصحابها مسلمون ومسيحيون في منطقة القلمون (جبعدين، معلولا، الصرخة) لايزالون يتحدثون باللغة السريانية، متناسين أنَّ سكان هذه البلدات الثلاثة كانوا من المسيحيين السريان، فاسلم أهالي بخعا وجبعدين في حين بقيت معلولا على مسيحيتها كما يقول أهالي هذه القرى.
ومع ان سريان هاتين البلدتين دخلوا الاسلام إلا أنهم حافظوا على لغتهم السريانية، لأنَّ الاسلام وهبهم دينا، ولم يفرض عليهم لغة، ولو كان الأمر كذلك لشاهدنا اليوم كل المسيحيين السريان في طور عابدين يتحدثون بالسريانية، وكل الفرس، والترك يتحدثون بالعربية.
ونستخلص مما ذكرناه أن السريانية كنيسة لها اتباع من العرب والفرس والآراميين واليونان والهنود وغيرهم وليست قومية كما أراد لها هؤلاء السياسيين المتحدثين بالسريانية.
عبد القادر عثمان
---------------------------------------------------
1-لويس شيخو في "النصرانية وآدابها"باب النصرانية في الجزيرة ص96 :
2-لويس شيخو -النصرانية وآدابها ص104
3-الانساب للسمعاني ص172 ج7.
4- لويس شيخو- النصرانيةوآدابها ص 96.
5-شيخو النصرانية وأدابها ص94
6- د. عامر عبد الله الجميلي كلية الآثار/جامعة الموصل
7- أيوب البانعماني - حياة مار شمعون الزيتوني في القرن العاشر الميلادي.
الخميس يوليو 25, 2019 12:37 am من طرف ياتي
» اين هم بنو تغلب اليوم؟
الخميس يوليو 25, 2019 12:29 am من طرف ياتي
» نحن بنو محلّم بن ذهل بن شيبان
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:21 pm من طرف Admin
» هل هذه الاشعار للهجتنا المحلمية؟
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:18 pm من طرف Admin
» كلام يجب أن يُقال!
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:16 pm من طرف Admin
» الفرع هو الذي يتبع الأصل
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:14 pm من طرف Admin
» الكوسوسية في طور عابدين
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:13 pm من طرف Admin
» باعربايا في المصادر التاريخية
الجمعة ديسمبر 28, 2018 6:06 pm من طرف Admin
» العرب بين التاريخ والجغرافية
الجمعة ديسمبر 28, 2018 6:03 pm من طرف Admin
» هل المحلمية قبيلة قائمة بحد ذاتها أم منطقة يُقال لكل من يسكنها محلّمي؟
الأحد نوفمبر 04, 2018 11:52 pm من طرف Admin
» بيت شعر للشيخ يونس بن يوسف الشيباني باللهجة المحلمية
الأحد نوفمبر 04, 2018 11:49 pm من طرف Admin
» السريانية كنيسة وليست قومية
الأحد نوفمبر 04, 2018 11:47 pm من طرف Admin
» وفاة شيخ قبيلة المحلمية رفعت صبري ابو قيس
الأحد نوفمبر 05, 2017 10:56 am من طرف ابن قيس المحلمي
» السلام عليكم
الإثنين أغسطس 21, 2017 11:03 pm من طرف narimen boudaya
» المجموعة الكاملة للفنان جان كارات
الأربعاء يونيو 28, 2017 1:23 am من طرف nadanadoz