تقع سوريا الحالية الجمهورية العربية السورية على الجناح الغربي للهلال الخصيب في موقع هام بين الشرق والغرب وبهذا فإن أرض سورية الحالية قد شهدت بعضا من أقدم واهم الحضارات على وجه المعمورة كما دلت على ذلك الاكتشافات الأثرية الهائلة التي يعود بعضها إلى ما يزيد عن ثمانية آلاف عام قبل الميلاد. لا تكاد تخلو منطقة من مناطق سورية من المواقع الأثرية التي تعود إلى فترات زمنية مختلفة والتي يزيد عددها على 4500 موقع أثري هام.
ما قبل التاريخ
تعود بدايات الاستيطان في سورية إلى أولى فترات الاستيطان البشري في العصر الحجري ما قبل الفخاري.
الحضارات السامية القديمة
أقدم الحضارات
يعتبر علماء الآثار سورية مركزا لإحدى أقدم الحضارات على وجه الأرض[1] .فهنا كانت بداية الاستيطان البشري وتخطيط أولى المدن واكتشاف الزراعة وتدجين الحيوانات ومعرفة وتطور الأبجدية هنا اكتشف (المنجل الأول والمحراث الأول)[2] هنا قامت المدن الأولى في التاريخ، مثل المملكة الأثرية إيبلا في شمال سورية بنت امبراطورية امتدت من البحر الأحمر جنوبا حتى تركيا شمالا وحتى الفرات شرقا مستمرة من عام 2500 إلى 2400 قبل الميلاد. تضم سورية إضافة لذلك العديد من الحضارات والمدن والممالك مثل مملكة ماري، وأوغاريت، وراميتا، والبارة، ودورا أوربوس، وسرجيلا، وكرك بيزة، وجرارة، وقاطورة، وعين دارة، وشمس، وباصوفان، والنبي هوري، وأرواد، وقطنا، وشهبا/ فيليبولس، وقنوات، وصلخد، وأفاميا، وحمو كار، وبعودة، والمناره، وتوتال، ودير سنبل، وإيمار، والدانا، وسرمدا وغيرها العشرات من المدن. إن كثرة الحضارات التي قامت وتقاطعت فوق الأرض السورية والغنى الكبير للمواقع التاريخية التي تعود لكافة العصور والحضارات تجعلها تجعل سورية مدخل وبوابة للتاريخ، فقد قامت على أرض سورية حضارات كثيرة وسكنها شعوب شتى يمكن تعدادها على الترتيب :السومريون، الأكاديون، الكلدان، الكنعانيون، الآراميون، الحيثيون، البابليون، الفرس، الإغريق، الرومان، النبطيون، البيزنطيون، العرب، وجزئيا الصليبيون, وأخيرا كانت تحت سيطرة الأتراك العثمانيون كما أنها خضعت للانتداب الفرنسي بين عامي 1920 و1946[3]
حضارة إبلا
إبلا [4] (بالعربية القديمة: عُبيل) مدينة أثرية سورية قديمة كانت حاضرة ومملكة عريقة يقال أن ظهورها يعود إلى 3000 قبل الميلاد. وبدأت ببناء حضارتها عن طريق التجارة مع السومريين والأكاديينحيث ازدهرت في شمال غرب سورية وبسطت نفوذها على المناطق الواقعة بين هضبة الأناضول شمالاً وشبه جزيرة سيناء جنوباً، ووادي الفرات شرقاً وساحل المتوسط غرباً. كشفت عنها بعثة أثرية إيطالية من جامعة روما يرأسها عالم الآثار باولو ماتييه كانت تتولى التنقيب في موقع تل مرديخ قرب بلدة سراقب محافظة إدلب السورية على مسافة نحو 55 كم جنوب غرب حلب في سورية. انتهت امبراطورية إبلا بسيطرة سارغون الأكادي عليها حوالي 2260 قبل الميلاد، لكن الأموريين استعادوا المدينة بعد عدة قرون، وازدهرت مجددا في بدايات الألفية الثانية قبل الميلاد وبقيت إلى حين قيام الحثيين. لقد اكتشف في مملكة إبلا في أول غرسة زيتون تعود لعام 2200 قبل الميلاد. وتعد سورية الموطن الأول لشجرة الزيتون.
اكتشفت آثار إبلا في عام 1975 بواسطة بعثة أثرية إيطالية من جامعة روما برئاسة Paolo Matthiae. وعثر في الموقع على أرشيف يحوي حوالي 15،000 لوحا مسماريا يقدر أنها تعود إلى 2250 قبل الميلاد ومكتوبة بخط مسماري مشتق من الخط المسماري السومري ولكن اللغة هي لغة سامية غير معروفة سابقا تعرف الآن بلغة إبلا، وهي من أقدم اللغات السامية المعروفة ومرتبطة بشكل وثيق بما أطلق عليه Gelb الأكدية القديمة.
مملكة ماري
مملكة ماري[5] هي إحدى الممالك السورية القديمة التي ازدهرت في الألف الثالث قبل الميلاد. وذكر علماء الآثار والمراجع التاريخية والباحثون أن حضارة مزدهرة أنارت بتطورها وقوانينها وتجارتها العالم القديم هي مملكة ماري التي قامت في سورية حوالي عام 2900 قبل الميلاد. وكان تأسيس هذه المملكة عن طريق سلطة اجتماعية وسياسية ملكية كان لها حضور قوي وموقع دعم في المنطقة على نهر الفرات في سورية، فقامت حضارة عريقة متأصلة ارتقت بين الحضارات هي ماري. وكان لمدينة ماري عاصمة المملكة دورا هاما في الطريق التجاري الذي يتبع مسلك الفرات في سورية الداخلية. ويعتقد أن الخارطة الجغرافية المتغيرة للمنطقة آنذاك حفزت نشوء كثير من المدن الجديدة في سورية امتدادا من الساحل إلى الداخل وفي بلاد الجزيرة السورية وما بين النهرين، فكانت ماري ميناء على نهر الفرات ترتبط مع النهر بقناة مجهزة للملاحة النهرية واستقبال المراكب والسفن التجارية، فكانت ماری صلة الوصل بين الطرفين فهي تتوسط المسافة بينهم، فقامت وازدهرت حضارة من أهم الحضارات القديمة لذلك اعتني بعاصمة المملكة وهي مدينة ماري ومرافقها لتكون أحد أهم الحضارات المتطورة.
'ماري' : - أما مدينة ماري والتي تقع على نهر الفرات على مسافة 11 كم شمال شرق البوكمال فهي مدينة سومرية قديمة أصلاً، ويعتقد أنها كانت مأهولة منذ الألف الخامسة قبل الميلاد. عثر في المدينة التي اكتشفت في ثلاثينات القرن العشرين بواسطة بعثة فرنسية على أكثر من 25،000 لوحا مسماريا مكتوبا بالأكدية القديمة حسب تقسيم Gelb، والخط المستخدم في كتابة الأكدية القديمة -كما هو ذاك المستخدم في كتابة لغة إبلا- هو خط مشتق من الخط السومري ويتميز عن الخطوط الأكدية السرجونية والبابلية-الأشورية باعتماده الكبير جدا على اللوغوغرامات السومرية مما يجعل قراءته عسيرة للغاية.
بعد نشوء مملكة أكد في جنوب ما بين النهرين في القرن 23 قبل الميلاد على يد سرجون أكد تم غزو وتدمير مدينتي ماري وإبلا.
أوغاريت
أوغاريت (اللفظ: أوگاريت).هي مملكة قديمة تقع أطلالها في موقع رأس شمرا تتبع محافظة اللاذقية في سورية على مسافة 12 كم إلى الشمال من مدينة اللاذقية على ساحل البحر المتوسط وفيها تم العثور على أقدم أبجدية عرفها التاريخ [6]. أوغاريت مدينة أثرية قديمة، وقد بينت الحفريات أن موقع رأس شمرا يشمل على حوالي 20 سوية أثرية (استيطان) تعود حتى العام 7500 ق.م. إلا أنه مع حلول الألف الثاني قبل الميلاد تضخم الاستيطان في الموقع لتتشكل ما عرف باسم أوغاريت. هذا الاسم الذي كان معروفاً قبل اكتشافها- صدفة في العام 1928 م- من خلال ذكرها في نصوص مملكة ماري، حيث تذكر النصوص زيارة الملك زميري ليم في العام 1765 ق.م لأوغاريت، من رقيم آخر عثر عليه أيضاً في وثائق ماري، وهو عبارة عن رسالة من ملك أوغاريت إلى ملك يمحاض بعاصمتها حلب، يرجوه فيها أن يطلب من ملك ماري (مملكة ماري على نهر الفرات في سورية) أن يسمح له بزيارة قصر ماري الذي كان ذائع الصيت في ذلك الوقت، وإن دل هذا على حرص أوغاريت على إقامة علاقات طيبة مع ملك ماري فإنه يدل في نفس الوقت بأنه يحرص أن تكون هذه العلاقة عن طريق وبمعرفة ملك يمحاض القوي. وكذلك ورد ذكر أوغاريت في النصوص الحثية المكتشفة في الأناضول وسورية ورسائل تل العمارنة المكتشفة في مصر. وتبين من الحفريات أن أوغاريت كانت عاصمة لمملكة بلغت مساحتها 5425 كم مربع تقريباً في القرنين الخامس عشر والثاني عشر قبل الميلاد، وهي فترة ازدهار المملكة.
في العصر السوري الوسيط أي في الألف الثاني ق.م كان شمال سوريا مسرحاً للميتانيين ثم الحثييّن، وهم من أصول غير سامية، وكانوا في نزاع مع النفوذ المصري. حتى إذا جاء تحتموس الثالث استطاع التغلب في قادش(تل النبي مندو) على الحثييّن. وجرى تقاسم النفوذ في سوريا، فأصبح الشمال تحت النفوذ الميتاني، ولكن الحثييّن تمكنوا من التغلب على الميتانيين واحتلوا مكانهم.فتصدى لهم المصريون الذين شنوا معركة قادش الثانية بقيادة رمسيس الثاني ضد الحثييّن بقيادة مواتاليش ولقد أبانت ألواح أوغاريت أن شعوب البحر المتوسط قد أتت نهائياً على نفوذ الحثييّن الذين تركوا في موقع عين دارة آثارهم الرائعة، وتعود حضارة أوغاريت إلى هذه الحقبة، وكانت زاهرة بفضل تجارتها الواسعة وأسطولها وبفضل الاحتكاك مع ثقافات أخرى، حثية ومصرية وايجية، ولقد اكتشفت هذه الحاضرة منذ عام 1929، كما تم اكتشاف مرفأ المينة البيضا بالقرب من اللاذقية. وفي المدينة حي سكني وقصر ملكي، وإلى الغرب معبد بعل، ومنطقة تجارية وصناعية تنتج المعادن الثمينة والمنسوجات. ويعد رأس ابن هاني امتداداً لها. ونستطيع أن نضيف مدينة إيمار مسكنة إلى قائمة الحواضر التي ازدهرت في العصر السوري الوسيط، وكانت إيمار مرفأ على الفرات استطاع أن يتوسط التجارة بين ماري والساحل السوري.
الممالك الآرامية
خلال الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد، قامت في سوريا حضارات كثيرة : الكنعانيون، الأموريين، الفينيقيون، الأراميون. حكم الكنعانيون معظم المناطق السورية أما الفينيقيين فقد استوطنوا على امتداد الساحل السوري مؤسسين امبراطورية بحرية في منطقة غرب سوريا وامتد ممالك الاراميون في معظم أنحاء البلاد السورية.
[عدل] الممالك الآرامية السورية
* مملكة فدان آرام وعاصمتها حران
* مملكة أرام النهرين بين الفرات والخابور
* مملكة بت بخياني وعاصمتها غوزانا على نهر الخابور
* مملكة بت عديني وعاصمتها تل بارسيب في الجزيرة السورية
* مملكة بت اغوشي وعاصمتها أرفاد تل رفعت شمال حلب
* مملكة سمآل في جبال الامونوس شمال غرب سوريا
* مملكة آرام حماة وعاصمتها حماة
* مملكة آرام معكا في الجولان
* مملكة صوبا في سهل البقاع
* مملكة حبشور جنوب دمشق حتى نهر اليرموك
* مملكة آرام دمشق وعاصمتها دمشق
في نهاية النصف الأول من الألف الثاني ق.م ابتدأ ظهور الآراميين في سوريا، وبعد أن تم استقرارهم انتشروا في أنحاء واسعة مشكلين ممالك متجانسة في اللغة والحضارة والعقيدة،
العصر الآشوري
في العصر السوري الحديث، كانت السيطرة من حظ الآشوريين، ومن أشهر حواضر هذا العصر، مدينة حداتو أرسلان طاش وبارسيب تل أحمر وغوزانا تل حلف وفي هذا العصر حاول شولمانو- اشارئد الثالث عام 853ق.م الاستيلاء على دمشق، فتصدى له حلف من الدويلات الآرامية وشارك معهم جندبو الأعرابي، وردوه.
العصر الهلنستي
الغزو المقدوني
غزا الإسكندر الأكبر المقدوني الإمبراطورية الفارسية الأخمينية في عام 334 قبل الميلاد، وبعد انتصاراته في آسيا الصغرى وصل إلى شمال سورية في عام 333 قبل الميلاد واشتبك مع الفرس مجددا في معركة إسوس الفاصلة والتي قاد الفرس فيها الإمبراطور داريوس الثالث بنفسه وأسفرت عن هزيمة منكرة للفرس فر على إثرها داريوس تاركا زوجته وأمه وبناته سبايا لدى الإسكندر. وبعد هذا الانتصار سار الإسكندر في سورية حتى وصل إلى صور في عام 332 قبل الميلاد وحاصرها حصارا شهيرا نكل على إثره بأهلها.
حروب الخلفاء
توفي الإسكندر في بابل عام 323 قبل الميلاد بدون أن يخلف وريثا، فتقاسم قادة جيشه الإمبراطورية التي خلفها، وكانت سورية من نصيب لاومدون المتليني Laomedon of Mytilene، وبابل من نصيب سلوقس نيكاتور Seleucus Nicator، أما مصر وليبيا وجزيرة العرب فذهبت لبطليموس.
ثم بدأ التنازع بين الخلفاء اليونانيين على الأراضي، فاندلع ما يعرف بحروب الخلفاء (الحروب الديادوخية) بين ورثة الاسكندر، فغزا بطليموس فينيقيا وسورية الجوفاء Coele-Syria عام 318 قبل الميلاد، بعدها غزا أنتيغونوس الأعور Antigonus Monophthalmus سورية بأكملها في عام 313 قبل الميلاد قادما من الشمال، وكان قد غزا بابل في عام 315 مما سبب هروب سلوقس إلى بطليموس وتحالفه معه. ثم عاد بطليموس مجددا واستولى على سورية الجوفاء بعد انتصاره على ديميتريوس ابن أنتيغونوس في معركة غزة عام 312 قبل الميلاد، ورغم أن هذا كان انتصارا مؤقتا عاد بعده أنتيغونوس واستولى على سورية الجوفاء إلا أنه سمح لسلوقس بالعودة إلى بابل والانتصار على أنتيغونوس في الحرب البابلية.
واستمر النزاع بين بطليموس وأنتيغونوس على سورية الجوفاء إلى أن هزم أنتيغونيوس وقتل في معركة إبسوس Ipsus بعد أن تحالف ضده ثلاثة من الخلفاء (الديادوخات) أحدهم سلوقس. وبعد هذه المعركة آلت سورية إلى سلوقس الذي سمح لبطليموس بالاحتفاظ بسورية الجوفاء عرفانا له بجميله عندما أخرج أنتيغونوس سلوقس من بابل.
الإمبراطورية السلوقية
بعد هزيمة أنتيغونوس أمست تحت سيطرة سلوقس إمبراطورية شاسعة تمتد من سورية ال الهند، أي أن إمبراطورية الإسكندر الأكبر كانت بأكملها تحت سيطرته باستثناء آسيا الصغرى وتراقيا واليونان ومصر. فعقد سلوقس العزم على غزو آسيا الصغرى وتراقيا واليونان، وكان له أن غزا آسيا الصغرى ولكنه اغتيل قبل أن يعبر إلى تراقيا عام 281 قبل الميلاد.
بعد حصول سلوقس على سورية بعد معركة إبسوس جعل منها مركزا لإمبراطوريته، وأعاد بناءأربع مواقع على شكل مدن جديدة واستجلب المستوطنين من اليونان ليقيموا في هذه المدن التي عرفت بالتترابولس السوري وهي:
* أنطيوخية على العاصي Antiochia ad Orontem، وهي مدينة أنطاكية في لواء الإسكندرون السليب، سماها سلوقس على اسم والده أنطيوخس Antiochus وجعل منها عاصمة لإمبراطوريته، وقد ازدهرت مدينة أنطاكية في العصر الهيليني ازدهارا عظيما حتى جاوز عدد سكانها الـ 500،000 مما جعلها في بدايات الحقبة الرومية ثالث أكبر مدينة في العالم بعد روما والإسكندرية التي بناها الإسكندر في مصر. وكانت أنطاكية إحدى أرقى مدن العالم ومنافسة للإسكندرية على زعامة مدن الشرق. وتعتبر أنطاكية مهد الديانة المسيحية خارج فلسطين حيث أن أهلها كانوا أول من اعتنق المسيحية من غير اليهود. وظلت أنطاكية عاصمة لسورية طوال العصر الرومي والبيزنطي حتى الغزو الإسلامي.
* سلوقية بييرية Seleucia Pieria، وكانت مرفأ مدينة أنطاكية.
* لاوديقية على البحر Laodicea ad Mare، وهي اللاذقية، سماها سلوقس على اسم أمه Laodice.
* أفاميا Apamea، وتقع على بعد 55 كم شمال غرب حماة، كان فيها بيت مال الدولة السلوقية وكانت من أهم المدن السورية. ظلت مزدهرة طوال العصر الرومي والبيزنطي حتى دمرها الفرس الساسانيون أثناء غزوهم لسورية في القرن السابع الميلادي، وبعد الغزو الإسلامي تم إعمارها وعرفت باسم فامية وظلت مدينة مهمة حتى دمرها زلزال عام 1152 ميلادية في زمن الحروب الصليبية.
الحروب السورية
بعد وفاة سلوقس بدأ خلفاؤه بمحاولة توسعة الدولة في آسيا الصغرى وسورية، وأدى هذا إلى نشوء سلسلة من الحروب بين السلوقيين والبطالمة في مصر في القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد عرفت بالحروب السورية تنازع فيها الجانبان على سورية الجوفاء والتي كانت تشكل نقطة عبور استراتيجية إلى مصر وتهديدا للحكم البطليمي فيها في حال سقوطها بيد السلوقيين.
تمكن أنطيوخس الثالث الكبير من السيطرة على سورية الجوفاء نهائيا إثر انتصاره على بطليموس الخامس في معركة بانيوم عام 198 قبل الميلاد خلال الحرب السورية الخامسة، ووقع الاثنان معاهدة عام 195 قبل الميلاد اعترف فيها بطليموس بسيادة السلوقيين على سورية الجوفاء وذلك لكي يتفرغ لمواجهة الاضطرابات الداخلية الجسيمة التي كانت تعانيها مصر في حينه. استنزفت الحروب السورية كلا من السلوقيين والبطالمة وتركتهما في النهاية عرضة للغزو على يد الروم والفرس البارثيين.
الحرب الرومية-السورية
مع صعود الجمهورية الرومية في الغرب اندلعت حرب باردة بين السلوقيين والروم تنازع فيها الطرفان على النفوذ في اليونان وآسية الصغرى، وتحولت هذه الحرب إلى حرب ساخنة في عام 192 قبل الميلاد مع اندلاع الحرب الرومية-السورية في عهد أنطيوخس الثالث والتي دامت أربع سنوات وشمل القتال فيها اليونان وبحر إيجة وآسية الصغرى.
انتهت الحرب بهزيمة كارثية لأنطيوخس حيث اقتضت معاهدة أفاميا التي أنهت الحرب انسحاب السلوقيين من آسية الصغرى إلى ما خلف جبال طوروس مما أدى إلى سقوط آسية الصغرى في أيدي حلفاء روما، وأجبر أنطيوخس على دفع تعويضات حرب هائلة بلغت 15،000 طالنطا من الفضة، وكان من أهم نتائج الحرب أيضا انسحاب النفوذ السلوقي من اليونان مما أدى إلى وقوعها تحت الهيمنة الرومية وصارت روما هي القوة الكبرى الوحيدة المهيمنة في البحر الأبيض المتوسط.
الحرب السورية السادسة
عاد البطالمة وحاولوا غزو سورية الجوفاء مجددا في الحرب السورية السادسة عام 170 قبل الميلاد، ولكن محاولتهم انتهت بهزيمة كبيرة وقيام أنطيوخس الرابع بغزو مصر وحصار عاصمتها الإسكندرية.فاضطر أنطيوخس لإنهاء الحصار والعودة في عام 169 ق.م بسبب قيام ثورة اليهود المكابيين في المقاطعة اليهودية، ولكنه عاد وغزا مصر مجددا بعد ذلك واستولى على قبرص التي كانت تابعة للبطالمة. استنجد البطالمة بالروم قبل وصول أنطيوخس إلى الإسكندرية فأرسل مجلس الشيوخ الروماني مبعوثا إلى الإسكندرية هو غايوس بوبيليوس لاينس والذي خرج لاستقبال أنطيوخس على مشارف الإسكندرية وأبلغه بأنه يحمل إنذارا له من مجلس الشيوخ الروماني يطالبه بالانسحاب من مصر وقبرص فورا، وعندما طلب أنطيوخس مهلة للتفكير رسم بوبيليوس دائرة حوله في الرمال وأخبره أن عليه أن يقرر قبل أن يخطو خارجها. فاختار أنطيوخس الإذعان وبهذا انتهت الحرب السورية السادسة ومعها آمال أنطيوخس في ضم مصر إلى حكمه.
الهلينة وثورة المكابيون
كانت سياسة الدولة السلوقية في أراضيها هي الهلينة (اليوننة)، وعنى هذا فرض الثقافة و اللغة اليونانية، وخلال العصر الهلينستي قدمت أعداد كبيرة من المستوطنين اليونانيين إلى سورية وصارت اللغة اليونانية (الكوينه) هي اللغة الرئيسية، غير أن اللغة الآرامية ظلت اللغة المستخدمة والمحكية، خاصة في الريف.
كانت بعض سكان سورية الجوفاء في العصر الهلينستي من اتباع الديانة اليهودية، ورغم أن قسما كبيرا من اليهود تهلين لغة وثقافة -حاله كحال بقية المجموعات في البلاد- إلا أن قسما آخر رفض الهلينة وخاصة في منطقة المرتفعات الجنوبية من فلسطين والمعروفة حينها بيهوده Iudaea (باللاتيني: يودايا) والتي تحوي المعبد المركزي لليهوديةبيت المقدس ويتميز سكانها بمحافظتهم على استخدام اللغة العبرية في العبادات وأمور الدين بدلا من الآرامية واليونانية اللتان كانتا محكيتين في بقية أنحاء فلسطين السورية.
كانت سياسة البطالمة بخلاف السلوقيين تتميز باحترام أكبر للخصوصيات الثقافية والدينية، وعندما استقر الحكم في المقاطعة اليهودية للسلوقيين في عهد انطيوخوس الرابع بدأ أنطيوخس في دعم التيار المؤيد للهلينة فيها، وتدخل بشكل كبير في تعيينات الكهنة اليهود وقام بفرض الكهنة الذين يوافقون توجهاته دون احترام لآراء اليهود المحافظين. وعندما ثار المحافظون وقاموا بخلع الكاهن الأعلى مينيلاوس والذي نصبه أنطيوخس أعاد أنطيوخس تنصيبه بالقوة، ثم شرع في إصدار قوانين ضد الديانة اليهودية بدءا من العام 167 ق.م إذ أصدر قانونا يحظر تقديم الأضاحي اليهودية ثم قانونا آخر يحظر الختان وعطلة السبت وباقي الأعياد اليهودية، ثم شُرع في نصب مذابح للآلهة اليونانية وتقديم الأضاحي للإله اليوناني زيوس على مذبح الهيكل اليهودي وبلحوم حيوانات محرمة في الشريعة اليهودية وغيرها من الممارسات التي رمت إلى هلينة المنطقة.
أدت هذه الممارسات إلى نشوء حركة التمرد المكابّيّة في عام 166 ق.م بزعامة يهودا المكابي، والتي بدأت في الريف على شكل مجموعات تقوم بتكسير المذابح اليونانية وقتل اليهود الذين يقدمون القرابين عليها وإجبار سكان القرى على إجراء الختان والالتزام بتعاليم الشريعة اليهودية، وتطورت هذه الحركة إلى حرب عصابات ضد الجيش السلوقي، انتهت بدخول المكابيون إلى بيت المقدس وإزالة رموز الديانات الأخرة من الهيكل وإعادة العمل بالشريعة اليهودية، ويحتفل عيد الحانوكة اليهودي بهذه المناسبة.
رد انطيوخوس الرابع بإرسال جيش كبير لسحق التمرد ولكن وفاته في ذاك العام أدت إلى رجوع الجيش، وأرسل جيش آخر في عهد سلفه ديمتريوس الأول Demetrius I تمكن من دخول بيت المقدس وإخضاعها، ولكن دخول الدولة السلوقية بعد ذلك في فترة من الانقسامات والصراعات الداخلية بالإضافة إلى تعرضها للضغط المتواصل من قبل روما والفرس البارثيين سمح بتحول يهوده بحلول عام 143 قبل الميلاد إلى شبه دولة مستقلة نالت اعتراف مجلس الشيوخ الرومي في عام 139 ق.م وعرفت السلالة المكابية الحاكمة لها بعد ذاك بالسلالة الحشمونية.
الحرب الأهلية والانهيار
بعد وفاة أنطيوخس الرابع دخلت الدولة السلوقية في سلسلة من الحروب الأهلية بسبب النزاع على السلطة، وبحلول عام 145 ق.م كانت البلاد منقسمة إلى قسمين؛ قسم يحكمه أنطيوخس السادس ويشمل أنطاكية وما حولها وقسم يحكمه ديميتريوس الثاني من دمشق ويشمل شرق سورية الحالية وبابل وإيران.
ثم بدأت سلسلة الانهيارات في الدولة، إذ هُزم ديميتريوس الثاني أمام البارثيين في عام 139 ق.م وأسر وسقطت الهضبة الإيرانية بالكامل في أيدي البارثيين. واستطاع خلف ديمتيريوس الثاني وهو أنطيوخس السابع أن يوحد الدولة مجددا ولكنه هزم أيضا أمام البارثيين وقتل في المعركة عام 129 ق.م، وسقطت بابل بيد البارثيين. وكان ذها السقوط بداية التحول في المفهوم التاريخي لكلمة "سورية" Syria حيث أنه بعد ذاك التاريخ تغير مفهوم الكلمة من شمولها لكامل الهلال الخصيب إلى حصرها بساحل المتوسط فقط وهي المنطقة التي بقيت في يد السلوقيين ومن بعدهم الروم.
بعد مقتل أنطيوخس السابع انتهت الدولة السلوقية فعليا ودخل ما تبقى منها في حرب أهلية دامت أكثر من 65 عاما تنازع فيها أشخاص عديدون على السلطة وتعرضت البلاد خلالها للغزو أكثر من مرة.
العصر الرومي
دخول الروم
سورية مركز للامبراطورية الرومية الشرقية
بعد مقتل أنطيوخس السابع السلوقي دخل ما تبقى من الدولة السلوقية في حرب أهلية تنازع فيها عدة أشخاص على السلطة، واستفادت البلاد المجاورة من بقاء السلوقيين كمنطقة عازلة، حيث كانت روما تخوض الحرب الميثريداتية الأولى ضد مملكة بنطس الهلينستية في آسيا الصغرى، وكانت بارثية تعاني من غزو الإسقوث والصراع الداخلي.
غزا ملك أرمينية تيغران الكبير سورية وضمها إلى مملكته عام 83 قبل الميلاد بعد أن استدعاه أحد المتنازعين في الحرب الأهلية، ولكن بعض المدن بقيت خارج سيطرته ودانت بالولاء لسلوقس السابع الذي كان صبيا دون سلطة حقيقية.
في عام 73 قبل الميلاد استغل ملك بنطس ميثيدراتس السادس Mithridates VI اندلاع ثورة سيرتوريوس في المقاطعات الرومية في أيبيريا فشن هجوما على الروم، ولكن الروم سرعان ما رتبوا صفوفهم وأرسل مجلس الشيوخ القنصل لوكيوس ليكينيوس لوكلوس Lucius Licinius Lucullus ليواجه ميثيدراتس، وبذلك اندلعت الحرب الميثريداتية الثالثة في آسيا الصغرى.
هزم ميثيدراتس أمام لوكلوس وفر إلى أرمينية التي كان ملكها تيغران صهره وحليفه، وتبعه لوكلوس وغزا أرمينية، وبعد أن أزال لوكلوس سلطة تيغران عن سورية توج سكان أنطاكية أنطيوخس الثالث عشر ملكا في انطاكية السورية، وأقر لوكلوس هذا التتويج على أن يكون الملك الجديد مواليا لروما، ولكن الانقسام سرعان ما دب في المملكة السلوقية العائدة للحياة حيث نازع فيليب الثاني أنطيوخس على السلطة.
رغم أنتصارات لوكلوس العسكرية على تيغران وميثيدراتس إلا أنه لم يتمكن من إلقاء القبض على أي منهما وواجه تمردا في جيشه مما دعى مجلس الشيوخ إلى استبداله ببومبيوس الكبير Pompeius Magnus والذي كان قبلها مشغولا بقمع الثورة في هيسبانيا.
تابع بومبيوس الحرب ضد تيغران وميثيدراتس، وفي عام 66 ق.م استسلم تيغران فعامله بومبيوس بكرم وسمح له بالبقاء ملكا على جزء من مملكته السابقة على أن يكون مواليا لروما. ثم تابع بومبيوس مطاردة ميثيدراتس في القوقاز إلى أن انتحر الأخير عام 63 ق.م في شبه جزيرة القرم، وبهذا تحقق النصر الكامل لروما وصارت مملكة بنطس جزءا من مقاطعة بيثونيا وبنطس Bithynia et Pontus الرومية
في عام 64 ق.م عاد بومبيوس إلى سورية والتي كانت تشهد حربا أهلية بين أنطيوخس الثالث عشر وفيليب الثاني. ورغم محاولة الطرفين المتنازعين -خاصة فيليب- خطب ود بومبيوس إلا أن الأخير كان مقتنعا أنه لا جدوى من بقاء السلوقيين لكثرة مشاكلهم، فقام بعزل أنطيوخس واغتاله بواسطة زعيم قبلي عربي اسمه Sampsiceramus وأعلن تحويل سورية إلى مقاطعة رومانية سناتورية، ما يعني أنها صارت محكومة مباشرة من قبل مجلس الشيوخ (السنات) ويحكمها بروماجسترات promagistratus (ماجسترات سابق، والماجسترات هو موظف الدرجة الأولى في نظام روما الجمهوري) والذي قد يكون إما بروقنصل proconsuls (قنصل سابق، والقنصل يعادل رئيس الحكومة) أو بروبرايتور propraetors (برايتور سابق، والبرايتور يعادل الوزير). أما فيليب الثاني فقد بقي حيا بعد عزل أنطيوخس ورحل إلى مصر وظل هناك حتى عام 56 ق.م عندما اغتاله بروقنصل (حاكم) سورية أولوس غابينيوس Aulus Gabinius.
رغم أن تحول سورية إلى مركز الامبراطورية الرومية في الشرق جاء في أواخر عهد الجمهورية، إلا أن هذه الفترة التي كانت فيها سوريا مركزا هاما في الامبراطورية كانت حافلة بالأحداث الهامة في تاريخ الامبراطورية الرومية منها تجدد الحروب الرومية-البارثية واندلاع الحروب الأهلية الرومية التي سبقت نهاية العهد الجمهوري.
الحروب الرومية-البارثية
الحروب الرومانية-البارثية هي الجزء الأول من سلسلة الحروب الرومية-الفارسية والتي بدأت منذ احتكاك روما مع الفرس لأول مرة عام 92 قبل الميلاد واستمرت بلا نهاية حتى الغزو الإسلامي بعد أكثر من سبعة قرون.
كان مسرح هذه الحروب الهلال الخصيب، وكانت تمتد أحيانا لتصل إلى أرمينية والقوقاز. ورغم أن هذه الحروب كانت حروبا مروعة ومكلفة واستمرت لسبعة قرون إلا أنها لم تسفر عن أي تغير دائم في الحدود بين الإمبراطوريتين، حيث أنه رغم نجاح الفرس في احتلال سورية أو أرمينية أحيانا ونجاح الروم في احتلال ما بين النهرين أو أذربيجان أحيانا أخرى إلا أنه لم تكن لدى أي من الطرفين يوما القدرة الاستراتيجية على الاحتفاظ بالإقليم الذي يحتله، وهكذا فإن النتيجة دائما ما كانت انسحاب المحتل من الإقليم الذي احتله بعد نهبه وتدميره. وكان لاشتداد وتيرة هذه الحروب واشتداد شراستها خلال القرنين السادس والسابع الميلاديين أبلغ الأثر في إضعاف كلي الإمبراطورتين وتركهما فريسة سهلة للفتح العربي الإسلامي.
عندما دخل بومبيوس سورية عام 64 ق.م كانت هناك هدنة بين الروم والبارثيين، ولكن هذه الهدنة انتهت مع قيام الجنرال الرومي ليكينيوس كراسوس بمحاولة غزو فاشلة لما بين النهرين عام 53 ق.م تكبد الرومان خلالها خسائر جسيمة في معركة معركة قرهاي Carrhae (قرهاي هو الاسم اللاتيني لحران)، ورد البارثيون بمحاولة غزو فاشلة أيضا لسورية عام 51 ق.م.
تدخل البارثيون أثناء الحرب الأهلية الرومية الكبرى أو ما يعرف بحرب قيصر حيث أرسلوا قوة لفك الحصار القيصري عن مدينة أفاميا والتي كان محاصرا فيها أحد الجنرالات الموالين لبومبيوس، وبعد انتهاء الحرب أعد قيصر حملة لغزو بارثية إلا أن اغتياله أدى إلى إلغاء الحملة. وفي الحرب الأهلية التي تلت اغتيال قيصر (حرب المحررين) تدخل البارثيون لنصرة بروتوس وكاسيوس قتلة قيصر ضد أنطونيوس وأوكتافيوس المطالبين بدمه، وبعد هزيمة الأولين في معركة فيليبي في اليونان تحالف البارثيون مع أحد الجنرالات الموالين لهما وقاموا بغزو سورية وتقدموا نحو آسيا الصغرى. ولكن انتهاء الحرب الأهلية سمح للروم بصد الغزو البارثي لآسيا الصغرى ثم التقدم نحو سورية وإخراج البارثيين منها بعد معركة عند البوابات السورية في لواء الإسكندرون حاليا. وحاول البارثيون العودة مجددا عام 38 ق.م ولكنه تم صدهم وقتل قائد حملتهم باقوروس Pacorus.
وبعد أن أحكم الروم سيطرتهم على الأقاليم التي استعادوها قاد ماركوس أنطونيوس حملة ضخمة لغزو أذربيجان بالتعاون مع الأرمن، ولكن البارثيين صدوا الهجوم مكبدين الروم خسائر فادحة. وفي عام 33 ق.م عاد أنطونيوس مجددا إلى أرمينية سعيا لتشكيل حلف بينه وبين الميديين ضد بارثية وضد أوكتافيوس خصمه في روما، ولكنه اضطر للمغادرة بعد ذاك وسقطت المنطقة بكاملها في أيدي البارثيين.
نظرا لأهمية موقع سورية على الحدود مع الإمبراطورية البارثية أحد أخطر أعداء روما بالإضافة إلى احتوائها على إقليم اليهودية كثير التمرد فإنه دائما ما كانت هناك قوة عسكرية رومية كبيرة في سورية، وفي العصر الإمبراطوري الباكر (البرينسيسباتي) كان كان هناك ثلاثة فيالق على الأقل متمركزة بشكل دائم في سورية، وهذا الحجم الكبير للجيش السوري جعله دائما ورقة مهمة في الحروب الأهلية الرومية.
نهاية الحشمونين
أعطى بومبيوس عام 64 ق.م مملكة اليهودية وضعا خاصا حيث سمح لها بالبقاء ككيان يهودي على أن تكون تابعة إداريا لمقاطعة سورية الرومية، وهكذا فإن مملكة اليهودية في العهد الرومي لم تكن مملكة مستقلة تدور في فلك روما (بخلاف مملكة أرمينية ومملكة الأنباط اللتين سمح لهما بومبيوس بالاستقلال شرط الولاء لروما ودفع الجزية) ولم تكن اليهودية أيضا مقاطعة رومية مستقلة حيث لم يكن لها حاكم خاص بل كان يديرها برايفكت praefectus وهو مسؤول من الرتبة الإقوسطرية ordo equester وهي رتبة أدنى من الرتبة السناتورية ordo senatorius التي تكون لحكام المقاطعات، وبالتالي فإنه لم يكن يملك الكثير من صلاحيات حاكم المقاطعة والتي بقيت لدى حاكم سورية العام الذي كان مسؤولا عن إدارة جميع الأمور المالية والاقتصادية لليهودية ومن ذلك جمع الضرائب بالإضافة لمسؤوليته عن إجراء التعداد والإحصاء ومن ذلك الإحصاء الشهير الذي أجراه الحاكم كويرينيوس Quirinius في عموم سورية وفلسطين قبيل ولادة المسيح حسب لوقا 2:1-7. قام أولوس غابينيوس حاكم سورية في عام 55 ق.م بتقسيم اليهودية إلى خمس مناطق إدارية عرفت بـ Sanhedrins أو Synedrions (مجالس قانونية) ومنها السنهدرين .
عند الغزو البارثي لسورية واليهودية عام 40 ق.م أزيل ملك اليهودية الحشموني وحكام المناطق الإدارية من مناصبهم ونفي الملك إلى بارثية. كان هيرودوس الأول (هيرود) حاكم الجليل أحد الذين أزيحوا عن مناصبهم ولجؤوا إلى الروم. استغل هيرودوس علاقته مع الروم وتعاون الملك الحشموني الجديد مع البارثيين وأقنع مجلس الشيوخ بتعيينه ملكا على اليهودية عام 40 ق.م رغم أنه لا ينتمي إلى السلالة الحشمونية. وعندما استعاد ماركوس أنطونيوس سورية تم تنصيب هيرودوس ملكا على اليهودية وبذلك انتهى حكم السلالة الحشمونية. وبعد وفاته سنة 4 ق.م تقاسم أبناؤه الثلاثة اليهودية وكان أحدهم، وهو هيرودوس أنطيباس Herod Antipas، هو هيرودوس حاكم الجليل وبيرية خلال حياة يسوع المسيح حسب العهد الجديد
ثورة اليهود الكبرى وهدم بيت المقدس
انتهت الجمهورية الرومية فعليا في عام 31 ق.م مع انتصار أوكتافيوس في معركة أكتيوم البحرية على الجيش المشترك لأنطونيوس وكليوباترا آخر ملوك البطالمة في مصر، ومن ثم حصول أوكتافيوس على العديد من الامتيازات والصلاحيات وآخرها حصوله من مجلس الشيوخ على لقبي أغسطس Augustus (العليّ/المبجل) وبرينسبس Princeps (المواطن الأول) في عام 27 ق.م، وبذلك صار أغسطس فعليا أول أباطرة الإمبراطورية الرومية تحت اسم أغسطس قيصر، رغم أن الجمهورية بقيت اسميا.
عانى أتباع الديانة اليهودية من المشاكل مع الحكام غير اليهود الذين يحكمونهم بصورة مباشرة، وهكذا كان الحال مع الروم الذين كانوا يديرون إقليم يهودية بشكل مباشر وبتدخل كبير في تعيينات الحكام والكهنة، وهذا ما أدى إلى تصاعد التوتر تدريجيا مع الروم، بالإضافة إلى أن النظام الرومي كان يهتم بالسياسة فقط ولكنه لم يكن يهتم بالدين، وبذلك فإن الروم كانوا متسامحين دينيا ويقبلون جميع الأديان، وهذا ما لم يرق لليهود الذين كانوا يمتعضون من رؤية الأديان الغير يهودية تمارس في مناطقهم.
حدث الصدام الكبير لأول مرة في عام 66 م فيما يعرف بالثورة اليهودية الكبرى أو الثورة اليهودية الأولى، وكان سبب اندلاع التمرد هو قيام بعض اليونانيين بتقديم أضاحي من الطيور أمام كنيس يهودي ورفض الدورية الرومية لأن تفعل شيئا، مما أدى إلى سلسلة من الأحداث وردود الفعل قادت في النهاية إلى أعمال عنف ضد المواطنين الروم في القدس وممتلكاتهم وضد المتعاونين معهم من اليهود مما اضطر الملك اليهودي الموالي للروم إلى الخروج من القدس إلى الجليل.
وخلال حصار وسبيانوس لبيت المقدس حدثت تطورات مهمة في روما، حيث خلع مجلس الشيوخ الإمبراطور نيرون واندلعت بعد ذاك حرب أهلية تنازع فيها وسبيانوس وثلاثة أشخاص آخرون على الحكم في سنة 69 ميلادية المعروفة بسنة الأباطرة الأربعة. تحالف وسبيانوس مع حاكم سورية موكيانوس في الحرب الأهلية وترك إكمال حصار بيت المقدس لابنه تيتوس الذي اقتحمها سنة 70، ودمرت المدينة أثناء اقتحامها واضطر تيتوس إلى تدمير الهيكل اليهودي أيضا بسبب تحصن الثوار اليهود فيه، رغم عدم رغبته في ذلك. قال المؤرخ اليهودي يوسيفوس الذي عاش في تلك الفترة أن المدينة سويت بالأرض وأن الزائر لها لا يصدق أنها كانت مدينة مأهولة. كانت حصيلة ضحايا الثورة اليهودية هائلة حيث قدرها يوسيفوس بمليون ومئة ألف قتيل من اليهود وسبعة وتسعين ألف أسير بالإضافة إلى أعداد هائلة من المشردين في أنحاء الإمبراطورية الرومانية. بعد هذه الأحداث اتخذ الرومان إجراءات لتحسين سيطرتهم على الإقليم حيث رفعوا رتبة الحاكم الروماني إلى برايتور praetor لتزيد صلاحياته وقرروا أن يتمركز الفيلق العاشر المضيقي Legio X Fretensis بشكل دائم في الإقليم. وأخيرا انتصر وسبيانوس في الحرب الأهلية وأعلنه مجلس الشيوخ إمبراطورا عام 69 م، وكان الفضل الأساسي في ذلك يعود إلى الفيالق السورية التي دعمه بها موكيانوس وخاصة الفيلق السادس المدرع Legio VI Ferrata.
حرب ترايانوس البارثية وثورة اليهود الثانية
شكل القرن الثاني الميلادي العصر الذهبي للإمبراطورية الرومية من حيث السلم الداخلي والرخاء الاقتصادي والتوسع الخارجي، وكان عصر الإمبراطور ترايانوس Trajanus (بالإنكليزية: تراجان Trajan) هو نقطة الذروة حيث اجتاح الرومان فيه الإمبراطورية البارثية وبلغت الإمبراطورية فيه أقصى اتساعها.
غزا ترايانوس داشيا Dacia (رومانيا الحالية) في عام 106 م، وفي العام التالي ضم مملكة الأنباط وجعلها مقاطعة باسم أرابيا بترايا Arabia Petraea (عربيا البترا أو العربية الصخرية). في عام 113 م قرر ترايانوس أن الوقت قد حان لحل المعضلة البارثية للأبد وذلك بالتفرغ لغزو بارثية وضم أراضيها، وهي سياسة تخالف سياسة من قبله الذين لم يجعلوا غزو بارثية أولوية، فغزا في عام 114 م أرمينية وجعلها مقاطعة رومية، ثم اجتاح ما بين النهرين وجعلها مقاطعة رومية أيضا، واستولى على عاصمة بارثية إقطصيفون Ctesiphon (المدائن)، وتابع المسير إلى الخليج العربي.
ولكن في تلك الأثناء اندلعت ثورة عارمة لليهود المنفيين في شمال أفريقيا (في قورنيقة Cyrenaica (برقة) ومصر) وقبرص، حيث قاموا بهدم وتخريب معابد الآلهة اليونانية والرومية والمصرية والمباني العامة والحمامات وقاموا بإبادة اليونانيين والروم حيث قتلوا أكثر من 220,000 يوناني في برقة وحدها، وتذكر الموسوعة اليهودية أن سكان ليبيا أبيدوا بالكامل تقريبا خلال تلك الأحداث لدرجة أنه أنشئت فيما بعد مستوطنات لاستجلاب السكان. وامتدت الثورة إلى اليهودية وسورية وما بين النهرين بينما كان ترايانوس يحارب البارثيين في الخليج، فقام بإخمادها في ما بين النهرين ونصب ملكا بارثيا عميلا له هناك ثم انسحب إلى أنطاكية ليشرف على إخماد الثورة في سورية. ثم مات بعد ذلك بقليل بالجلطة في عام 117 م وقبل أن يحكم سيطرته على المقاطعات البارثية الجديدة، وعندما تولى سلفه هادريانوس الحكم قرر الانسحاب من جميع المقاطعات الجديدة التي أنشأها تريانوس واعتبار شاطئ الفرات الحد الشرقي للإمبراطورية لأنه رأى أن الاحتفاظ بالمقاطعات البارثية سيشكل عبئا على المدى البعيد لأن هذه المقاطعات لا يمكن الدفاع عنها.
إعادة بناء بيت المقدس وثورة اليهود الثالثة
عندما صعد إيليوس هادريانوس Aelius Hadrianus (هادريان Hadrian) إلى عرش الإمبراطورية الرومية في عام 118 م لم تكن ثورة اليهود الثانية قد أخمدت تماما بعد في اليهودية حيث إلتجئ إليها قادة الثورة في الخارج، وقد قام هادريانوس في العام التالي بتخصيص أموال لإعاد إعمار المباني العامة التي دمرها اليهود في المقاطعات. وبينما كان يقوم بجولة في أنحاء الإمبراطورية في عام 123 م مر هادريانوس ببرقة ورأى بعينيه الخراب الذي أحدثه اليهود، وخصص أموالا للجنود الرومان ولعائلاتهم هناك.
زار هادريانوس بيت المقدس في العام 130 م، وكبادرة حسن نية تجاه اليهود أعلن عزمه إعادة بناء بيت المقدس، ولكن فرحة اليهود لم تتم عندما علموا أنه يعتزم بناء المدينة على النمط الرومي وأنه ينوي أن يبني معبدا روميا جديدا مكان الهيكل، والذي لا بد أنه سيكون مكرسا للإله يوبيتر. ازداد اضطراب اليهود بعد أن بدأت أعمال البناء حيث اعتبر كثير منهم أن "الحرث فوق الهيكل" إساءة دينية عظيمة، واستدعى الروم الفيلق السادس المدرع Legio VI Ferrata من بصرى إلى اليهودية لفرض النظام. وتزايد سخط اليهود أكثر عندما أصدر هادريانوس قرارا بمنع الختان الذي اتفق هادريانوس مع اليونانيين في اعتباره "تشويها وطقسا بربريا".
قرر اليهود الثورة وخططوا لها بعناية ليتحاشوا أخطاء ثورتهم الأولى قبل ستين عاما، وكان قائدهم هو شمعون بَر كوكبا שמעון בר כוכבא (اسم آرامي معناه: سمعان بن كوكبة) والذي فسر اليهود اسمه على أنه يحقق النبوءة الواردة في سفر الأعداد 24:17 وأنه المسيح المخلص المنتظر. ولكن المسيحيين (والذين كانوا لا يزالون حتى ذلك الوقت مجرد طائفة صغيرة من اليهود) لم يتقبلوا ادعاء بر كوكبة بأنه المسيح لاعتقادهم بأن المسيح كان يسوع الناصري، وهكذا فقد ساهمت هذه الأحداث في تعميق التمايز بين المسيحيين واليهود.
بدأ اليهود تحركهم عام 132 م، وقد نجحوا في مباغتة الروم والانتشار بسرعة في أنحاء فلسطين فعزلوا الحامية الرومية في القدس عن باقي المناطق ووضعوا الروم في موقف صعب، وظنوا أنهم نجحوا وبدؤوا في صك عملة لدولتهم الوليدة. ولكن الإمبراطور هادريانوس كان يعد العدة فقد استدعى الجنرال يوليوس سيويروس Julius Severus الخبير في قمع التمرد من بريطانيا واستدعى أعدادا هائلة من القوات حتى أنه استدعى فرقا من حوض الدانوب ويعتقد أن مجموع القوة التي حشدها لم يقل عن اثني عشر فيلقا وهو ما يقارب ثلث الجيش الروماني. ثم بدأت المواجهات وكانت شرسة للغاية حيث استمرت ثلاث سنوات واتبع الروم خلالها سياسة الأرض المحروقة لتحطيم معنويات المتمردين بعد أن كبدهم الأخيرون خسائر جسيمة.
انتهت هذه الحرب بخسائر جسيمة للروم، حيث قاموا بعدها بحل الفيلق الثاني والعشرين الديوتاري Legio XXII Deiotariana مما يدل على تلقيه خسائر فادحة، كما أن هادريانوس عندما بعث إلى مجلس الشيوخ يبلغه بالنصر تحاشى أن يذكر العبارة التقليدية "آمل أنكم بخير، أنا والقوات بخير" في صدر رسالته. ولكن خسائر الروم كانت لا تقاس بخسائر اليهود الذين أدت هذه الحرب إلى استئصال وجودهم من فلسطين، حيث قتل فيها 580,000 يهودي ودمرت 50 بلدة و985 قرية حسب المؤرخ الرومي كاسيوس ديو Cassius Dio. يذكر التلمود أن القتلى كانوا بالملايين، ولكن هذا غير منطقي لأن عدد اليهود في فلسطين حينها لم يكن يبلغ هذا القدر.
بعد هذه الحرب قرر هادريانوس استئصال الديانة اليهودية من الوجود لأنه اعتقد أنها سبب تمرد اليهود المستمر، فقام بإعدام رجال الدين اليهود وحظر التعامل بالشريعة اليهودية والتقويم اليهودي، وأقام احتفالا على جبل الهيكل أحرق فيه المخطوطات الدينية اليهودية، ونصب على الجبل تمثالين أحدهما ليوبتر والآخر لنفسه. وغير هادريانوس اسم مدينة القدس من الاسم اليهودي يوروشلايم Jerusalem إلى إيليا كابيتولينا Aelia Capitolina (إيليا من اسمه Aelius، وكابيتولينا إشارة إلى معبد يوبتر على تلة الكابيتولينة في روما Jupiter Capitolinus). كما غير اسم الإقليم من اليهودية Iudaea (يوديا) إلى سورية الفلسطيّة Syria Palaestina، وحظر تداول الاسم القديم. وكان القرار الأشد وطاة على اليهود هو حظر دخولهم إلى بيت المقدس، الذي خففه قسطنطين الأول بعد حوالي 150 سنة بأن سمح لهم أن يدخلوا المدينة يوما واحدا في السنة لينتحبوا على الحائط الغربي وهو اليوم المعروف لدى اليهود بـ تشعة بآب (التاسع من آب).
ظلت هذه القوانين سارية المفعول حتى دخول المسلمين القدس عام 638 م، إذ أن المسلمين حين فتحوا المدينة سموها إيلياء من Aelia، وكان هذا هو الاسم الشائع لها في العصور الإسلامية الأولى. وكذلك اسم المنطقة كان (ولا يزال) فلسطين من Palaestina وهو تقصير للاسم القديم Syria Palaestina.
كانت نتائج ثورة بر كوكبا كارثة كبرى على اليهود حيث أن من بقي منهم حيا تشرد في أصقاع الأرض ولم يبق منهم في فلسطين إلا أعداد يسيرة جدا متوزعة كأقليات في الجليل والمدن الساحلية ولكن ليس في منطقة اليهودية نفسها، ولهذا السبب حقد اليهود على هادريانوس فلا تذكر مصادرهم اسمه إلا ومعه العبارة שחיק עצמות (يسحق عظمه)، وكذلك كره أحبار اليهود بر كوكبا وسموه بر كوزيبة בר כוזיבא (ابن الكذبة) إشارة إلى كونه مسيحا كاذبا.
حرب أوريليوس البارثية وصعود أويديوس كاسيوس
يعد ماركوس أوريليوس Marcus Aurelius الذي حكم بين عامي 161 م و180 م آخر أباطرة العصر الذهبي لروما، وكان بالإضافة إلى كونه إمبراطورا فيلسوفا رواقيا.
قام البارثيون بقيادة ملكهم Vologases IV بغزو أرمينية قبيل تولي أوريليوس الحكم في عام 161، وعندما حاول حاكم سورية التصدي لهم هزموه وغزوا الرها ونصيبين واجتاحوا بعض المناطق السورية، فاستبدل أوريليوس حاكم سورية بابن عمه الذي كان شابا قليل الخبرة في الثلاثينات من عمره وأرسل معه ثلاثة فيالق من جرمانية والغال. ثم عمت الفوضى في البلاد وقام تمرد في الجيش، فأرسل أوريليوس (الذي كان مشغولا بإدارة الحروب في جرمانية) شريكه في الحكم لوكيوس ويروس Lucius Verus إلى أنطاكية ليشرف على الحرب مع بارثية.
انتصر الروم في الحرب عام 165، ولكن لوكيوس لم يكن له دور كبير في ذلك حيث أنه قضى معظم فترة الحرب في أنطاكية ساهرا مع الغانيات، رغم أنه كان يخرج في الشتاء ليشتي في اللاذقية وفي الصيف ليصيف في دافنة Daphne وهو منتجع قرب أنطاكية. أما الفضل الحقيقي في النصر فعاد للجنرالات من أمثال ماركوس ستاتيوس Marcus Statius Priscus حاكم قبدوقية Cappadocia (في آسيا الصغرى) الذي استعاد أرمينية عام 163، وأويديوس كاسيوس Avidius Cassius الجنرال السوري الصاعد الذي استعاد الرها واجتاح ما بين النهرين وصولا إلى سلوقية (سلوقية على دجلة Seleucia ad Tigrim، شمال شرق بابل) وإقطصيفون عام 165، ولكنه اضطر للانسحاب بعدها بسبب تفشي الوباء في بارثيةكان أويديوس كاسيوس سوريا من مدينة قرهص Cyrrhus شمال سورية، وهي مدينة تاريخية بناها سلوقس الأول وهدمت زمن الحروب الصليبية وتقع آثارها اليوم على بعد حوالي 50 كم شمال حلب، وتعرف باسم النبي هوري. كان كاسيوس من أصل متواضع وكان والده هيليودوروس Heliodorus قد عمل حاجبا لدى الإمبراطور هادريانوس واستطاع بفضل موهبته الخطابية أن يتولى حكم مصر بين عامي 137 و142، ولكنه لم يتجاوز أبدا الرتبة الإقوسطرية.(كانت مقاطعة مصر استثناء بين المقاطعات الرومية في أن حكامها كانوا من الرتبة الإقسوطرية، ويعود هذا الوضع الخاص لماركوس أنطونيوس الذي كان له منه غايات سياسية.) صعد نجم كاسيوس أثناء حرب أوريليوس البارثية حيث كان يقود في الحرب الفيلق الثالث الغالي Legio III Gallica (وهو فيلق سوري) واستطاع اجتياح ما بين النهرين واستولى على أهم مدن بارثية – سلوقية وإقطصيفون.
بعد هذه الانتصارات حصل كاسيوس على عضوية مجلس الشيوخ في روما هو وزميله في الجيش مارتيوس ويروس Martius Verus، ثم صار كلاهما قناصل عام 166 م وهما في الثلاثينات من عمرهما. بعد القنصلية تولى كاسيوس حكم سورية، بينما تولى رفيقه ويروس حكم قبدوقية، وتمكن كاسيوس من قمع ثورة اندلعت في مصر بين عامي 172 و175.
ما قبل التاريخ
تعود بدايات الاستيطان في سورية إلى أولى فترات الاستيطان البشري في العصر الحجري ما قبل الفخاري.
الحضارات السامية القديمة
أقدم الحضارات
يعتبر علماء الآثار سورية مركزا لإحدى أقدم الحضارات على وجه الأرض[1] .فهنا كانت بداية الاستيطان البشري وتخطيط أولى المدن واكتشاف الزراعة وتدجين الحيوانات ومعرفة وتطور الأبجدية هنا اكتشف (المنجل الأول والمحراث الأول)[2] هنا قامت المدن الأولى في التاريخ، مثل المملكة الأثرية إيبلا في شمال سورية بنت امبراطورية امتدت من البحر الأحمر جنوبا حتى تركيا شمالا وحتى الفرات شرقا مستمرة من عام 2500 إلى 2400 قبل الميلاد. تضم سورية إضافة لذلك العديد من الحضارات والمدن والممالك مثل مملكة ماري، وأوغاريت، وراميتا، والبارة، ودورا أوربوس، وسرجيلا، وكرك بيزة، وجرارة، وقاطورة، وعين دارة، وشمس، وباصوفان، والنبي هوري، وأرواد، وقطنا، وشهبا/ فيليبولس، وقنوات، وصلخد، وأفاميا، وحمو كار، وبعودة، والمناره، وتوتال، ودير سنبل، وإيمار، والدانا، وسرمدا وغيرها العشرات من المدن. إن كثرة الحضارات التي قامت وتقاطعت فوق الأرض السورية والغنى الكبير للمواقع التاريخية التي تعود لكافة العصور والحضارات تجعلها تجعل سورية مدخل وبوابة للتاريخ، فقد قامت على أرض سورية حضارات كثيرة وسكنها شعوب شتى يمكن تعدادها على الترتيب :السومريون، الأكاديون، الكلدان، الكنعانيون، الآراميون، الحيثيون، البابليون، الفرس، الإغريق، الرومان، النبطيون، البيزنطيون، العرب، وجزئيا الصليبيون, وأخيرا كانت تحت سيطرة الأتراك العثمانيون كما أنها خضعت للانتداب الفرنسي بين عامي 1920 و1946[3]
حضارة إبلا
إبلا [4] (بالعربية القديمة: عُبيل) مدينة أثرية سورية قديمة كانت حاضرة ومملكة عريقة يقال أن ظهورها يعود إلى 3000 قبل الميلاد. وبدأت ببناء حضارتها عن طريق التجارة مع السومريين والأكاديينحيث ازدهرت في شمال غرب سورية وبسطت نفوذها على المناطق الواقعة بين هضبة الأناضول شمالاً وشبه جزيرة سيناء جنوباً، ووادي الفرات شرقاً وساحل المتوسط غرباً. كشفت عنها بعثة أثرية إيطالية من جامعة روما يرأسها عالم الآثار باولو ماتييه كانت تتولى التنقيب في موقع تل مرديخ قرب بلدة سراقب محافظة إدلب السورية على مسافة نحو 55 كم جنوب غرب حلب في سورية. انتهت امبراطورية إبلا بسيطرة سارغون الأكادي عليها حوالي 2260 قبل الميلاد، لكن الأموريين استعادوا المدينة بعد عدة قرون، وازدهرت مجددا في بدايات الألفية الثانية قبل الميلاد وبقيت إلى حين قيام الحثيين. لقد اكتشف في مملكة إبلا في أول غرسة زيتون تعود لعام 2200 قبل الميلاد. وتعد سورية الموطن الأول لشجرة الزيتون.
اكتشفت آثار إبلا في عام 1975 بواسطة بعثة أثرية إيطالية من جامعة روما برئاسة Paolo Matthiae. وعثر في الموقع على أرشيف يحوي حوالي 15،000 لوحا مسماريا يقدر أنها تعود إلى 2250 قبل الميلاد ومكتوبة بخط مسماري مشتق من الخط المسماري السومري ولكن اللغة هي لغة سامية غير معروفة سابقا تعرف الآن بلغة إبلا، وهي من أقدم اللغات السامية المعروفة ومرتبطة بشكل وثيق بما أطلق عليه Gelb الأكدية القديمة.
مملكة ماري
مملكة ماري[5] هي إحدى الممالك السورية القديمة التي ازدهرت في الألف الثالث قبل الميلاد. وذكر علماء الآثار والمراجع التاريخية والباحثون أن حضارة مزدهرة أنارت بتطورها وقوانينها وتجارتها العالم القديم هي مملكة ماري التي قامت في سورية حوالي عام 2900 قبل الميلاد. وكان تأسيس هذه المملكة عن طريق سلطة اجتماعية وسياسية ملكية كان لها حضور قوي وموقع دعم في المنطقة على نهر الفرات في سورية، فقامت حضارة عريقة متأصلة ارتقت بين الحضارات هي ماري. وكان لمدينة ماري عاصمة المملكة دورا هاما في الطريق التجاري الذي يتبع مسلك الفرات في سورية الداخلية. ويعتقد أن الخارطة الجغرافية المتغيرة للمنطقة آنذاك حفزت نشوء كثير من المدن الجديدة في سورية امتدادا من الساحل إلى الداخل وفي بلاد الجزيرة السورية وما بين النهرين، فكانت ماري ميناء على نهر الفرات ترتبط مع النهر بقناة مجهزة للملاحة النهرية واستقبال المراكب والسفن التجارية، فكانت ماری صلة الوصل بين الطرفين فهي تتوسط المسافة بينهم، فقامت وازدهرت حضارة من أهم الحضارات القديمة لذلك اعتني بعاصمة المملكة وهي مدينة ماري ومرافقها لتكون أحد أهم الحضارات المتطورة.
'ماري' : - أما مدينة ماري والتي تقع على نهر الفرات على مسافة 11 كم شمال شرق البوكمال فهي مدينة سومرية قديمة أصلاً، ويعتقد أنها كانت مأهولة منذ الألف الخامسة قبل الميلاد. عثر في المدينة التي اكتشفت في ثلاثينات القرن العشرين بواسطة بعثة فرنسية على أكثر من 25،000 لوحا مسماريا مكتوبا بالأكدية القديمة حسب تقسيم Gelb، والخط المستخدم في كتابة الأكدية القديمة -كما هو ذاك المستخدم في كتابة لغة إبلا- هو خط مشتق من الخط السومري ويتميز عن الخطوط الأكدية السرجونية والبابلية-الأشورية باعتماده الكبير جدا على اللوغوغرامات السومرية مما يجعل قراءته عسيرة للغاية.
بعد نشوء مملكة أكد في جنوب ما بين النهرين في القرن 23 قبل الميلاد على يد سرجون أكد تم غزو وتدمير مدينتي ماري وإبلا.
أوغاريت
أوغاريت (اللفظ: أوگاريت).هي مملكة قديمة تقع أطلالها في موقع رأس شمرا تتبع محافظة اللاذقية في سورية على مسافة 12 كم إلى الشمال من مدينة اللاذقية على ساحل البحر المتوسط وفيها تم العثور على أقدم أبجدية عرفها التاريخ [6]. أوغاريت مدينة أثرية قديمة، وقد بينت الحفريات أن موقع رأس شمرا يشمل على حوالي 20 سوية أثرية (استيطان) تعود حتى العام 7500 ق.م. إلا أنه مع حلول الألف الثاني قبل الميلاد تضخم الاستيطان في الموقع لتتشكل ما عرف باسم أوغاريت. هذا الاسم الذي كان معروفاً قبل اكتشافها- صدفة في العام 1928 م- من خلال ذكرها في نصوص مملكة ماري، حيث تذكر النصوص زيارة الملك زميري ليم في العام 1765 ق.م لأوغاريت، من رقيم آخر عثر عليه أيضاً في وثائق ماري، وهو عبارة عن رسالة من ملك أوغاريت إلى ملك يمحاض بعاصمتها حلب، يرجوه فيها أن يطلب من ملك ماري (مملكة ماري على نهر الفرات في سورية) أن يسمح له بزيارة قصر ماري الذي كان ذائع الصيت في ذلك الوقت، وإن دل هذا على حرص أوغاريت على إقامة علاقات طيبة مع ملك ماري فإنه يدل في نفس الوقت بأنه يحرص أن تكون هذه العلاقة عن طريق وبمعرفة ملك يمحاض القوي. وكذلك ورد ذكر أوغاريت في النصوص الحثية المكتشفة في الأناضول وسورية ورسائل تل العمارنة المكتشفة في مصر. وتبين من الحفريات أن أوغاريت كانت عاصمة لمملكة بلغت مساحتها 5425 كم مربع تقريباً في القرنين الخامس عشر والثاني عشر قبل الميلاد، وهي فترة ازدهار المملكة.
في العصر السوري الوسيط أي في الألف الثاني ق.م كان شمال سوريا مسرحاً للميتانيين ثم الحثييّن، وهم من أصول غير سامية، وكانوا في نزاع مع النفوذ المصري. حتى إذا جاء تحتموس الثالث استطاع التغلب في قادش(تل النبي مندو) على الحثييّن. وجرى تقاسم النفوذ في سوريا، فأصبح الشمال تحت النفوذ الميتاني، ولكن الحثييّن تمكنوا من التغلب على الميتانيين واحتلوا مكانهم.فتصدى لهم المصريون الذين شنوا معركة قادش الثانية بقيادة رمسيس الثاني ضد الحثييّن بقيادة مواتاليش ولقد أبانت ألواح أوغاريت أن شعوب البحر المتوسط قد أتت نهائياً على نفوذ الحثييّن الذين تركوا في موقع عين دارة آثارهم الرائعة، وتعود حضارة أوغاريت إلى هذه الحقبة، وكانت زاهرة بفضل تجارتها الواسعة وأسطولها وبفضل الاحتكاك مع ثقافات أخرى، حثية ومصرية وايجية، ولقد اكتشفت هذه الحاضرة منذ عام 1929، كما تم اكتشاف مرفأ المينة البيضا بالقرب من اللاذقية. وفي المدينة حي سكني وقصر ملكي، وإلى الغرب معبد بعل، ومنطقة تجارية وصناعية تنتج المعادن الثمينة والمنسوجات. ويعد رأس ابن هاني امتداداً لها. ونستطيع أن نضيف مدينة إيمار مسكنة إلى قائمة الحواضر التي ازدهرت في العصر السوري الوسيط، وكانت إيمار مرفأ على الفرات استطاع أن يتوسط التجارة بين ماري والساحل السوري.
الممالك الآرامية
خلال الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد، قامت في سوريا حضارات كثيرة : الكنعانيون، الأموريين، الفينيقيون، الأراميون. حكم الكنعانيون معظم المناطق السورية أما الفينيقيين فقد استوطنوا على امتداد الساحل السوري مؤسسين امبراطورية بحرية في منطقة غرب سوريا وامتد ممالك الاراميون في معظم أنحاء البلاد السورية.
[عدل] الممالك الآرامية السورية
* مملكة فدان آرام وعاصمتها حران
* مملكة أرام النهرين بين الفرات والخابور
* مملكة بت بخياني وعاصمتها غوزانا على نهر الخابور
* مملكة بت عديني وعاصمتها تل بارسيب في الجزيرة السورية
* مملكة بت اغوشي وعاصمتها أرفاد تل رفعت شمال حلب
* مملكة سمآل في جبال الامونوس شمال غرب سوريا
* مملكة آرام حماة وعاصمتها حماة
* مملكة آرام معكا في الجولان
* مملكة صوبا في سهل البقاع
* مملكة حبشور جنوب دمشق حتى نهر اليرموك
* مملكة آرام دمشق وعاصمتها دمشق
في نهاية النصف الأول من الألف الثاني ق.م ابتدأ ظهور الآراميين في سوريا، وبعد أن تم استقرارهم انتشروا في أنحاء واسعة مشكلين ممالك متجانسة في اللغة والحضارة والعقيدة،
العصر الآشوري
في العصر السوري الحديث، كانت السيطرة من حظ الآشوريين، ومن أشهر حواضر هذا العصر، مدينة حداتو أرسلان طاش وبارسيب تل أحمر وغوزانا تل حلف وفي هذا العصر حاول شولمانو- اشارئد الثالث عام 853ق.م الاستيلاء على دمشق، فتصدى له حلف من الدويلات الآرامية وشارك معهم جندبو الأعرابي، وردوه.
العصر الهلنستي
الغزو المقدوني
غزا الإسكندر الأكبر المقدوني الإمبراطورية الفارسية الأخمينية في عام 334 قبل الميلاد، وبعد انتصاراته في آسيا الصغرى وصل إلى شمال سورية في عام 333 قبل الميلاد واشتبك مع الفرس مجددا في معركة إسوس الفاصلة والتي قاد الفرس فيها الإمبراطور داريوس الثالث بنفسه وأسفرت عن هزيمة منكرة للفرس فر على إثرها داريوس تاركا زوجته وأمه وبناته سبايا لدى الإسكندر. وبعد هذا الانتصار سار الإسكندر في سورية حتى وصل إلى صور في عام 332 قبل الميلاد وحاصرها حصارا شهيرا نكل على إثره بأهلها.
حروب الخلفاء
توفي الإسكندر في بابل عام 323 قبل الميلاد بدون أن يخلف وريثا، فتقاسم قادة جيشه الإمبراطورية التي خلفها، وكانت سورية من نصيب لاومدون المتليني Laomedon of Mytilene، وبابل من نصيب سلوقس نيكاتور Seleucus Nicator، أما مصر وليبيا وجزيرة العرب فذهبت لبطليموس.
ثم بدأ التنازع بين الخلفاء اليونانيين على الأراضي، فاندلع ما يعرف بحروب الخلفاء (الحروب الديادوخية) بين ورثة الاسكندر، فغزا بطليموس فينيقيا وسورية الجوفاء Coele-Syria عام 318 قبل الميلاد، بعدها غزا أنتيغونوس الأعور Antigonus Monophthalmus سورية بأكملها في عام 313 قبل الميلاد قادما من الشمال، وكان قد غزا بابل في عام 315 مما سبب هروب سلوقس إلى بطليموس وتحالفه معه. ثم عاد بطليموس مجددا واستولى على سورية الجوفاء بعد انتصاره على ديميتريوس ابن أنتيغونوس في معركة غزة عام 312 قبل الميلاد، ورغم أن هذا كان انتصارا مؤقتا عاد بعده أنتيغونوس واستولى على سورية الجوفاء إلا أنه سمح لسلوقس بالعودة إلى بابل والانتصار على أنتيغونوس في الحرب البابلية.
واستمر النزاع بين بطليموس وأنتيغونوس على سورية الجوفاء إلى أن هزم أنتيغونيوس وقتل في معركة إبسوس Ipsus بعد أن تحالف ضده ثلاثة من الخلفاء (الديادوخات) أحدهم سلوقس. وبعد هذه المعركة آلت سورية إلى سلوقس الذي سمح لبطليموس بالاحتفاظ بسورية الجوفاء عرفانا له بجميله عندما أخرج أنتيغونوس سلوقس من بابل.
الإمبراطورية السلوقية
بعد هزيمة أنتيغونوس أمست تحت سيطرة سلوقس إمبراطورية شاسعة تمتد من سورية ال الهند، أي أن إمبراطورية الإسكندر الأكبر كانت بأكملها تحت سيطرته باستثناء آسيا الصغرى وتراقيا واليونان ومصر. فعقد سلوقس العزم على غزو آسيا الصغرى وتراقيا واليونان، وكان له أن غزا آسيا الصغرى ولكنه اغتيل قبل أن يعبر إلى تراقيا عام 281 قبل الميلاد.
بعد حصول سلوقس على سورية بعد معركة إبسوس جعل منها مركزا لإمبراطوريته، وأعاد بناءأربع مواقع على شكل مدن جديدة واستجلب المستوطنين من اليونان ليقيموا في هذه المدن التي عرفت بالتترابولس السوري وهي:
* أنطيوخية على العاصي Antiochia ad Orontem، وهي مدينة أنطاكية في لواء الإسكندرون السليب، سماها سلوقس على اسم والده أنطيوخس Antiochus وجعل منها عاصمة لإمبراطوريته، وقد ازدهرت مدينة أنطاكية في العصر الهيليني ازدهارا عظيما حتى جاوز عدد سكانها الـ 500،000 مما جعلها في بدايات الحقبة الرومية ثالث أكبر مدينة في العالم بعد روما والإسكندرية التي بناها الإسكندر في مصر. وكانت أنطاكية إحدى أرقى مدن العالم ومنافسة للإسكندرية على زعامة مدن الشرق. وتعتبر أنطاكية مهد الديانة المسيحية خارج فلسطين حيث أن أهلها كانوا أول من اعتنق المسيحية من غير اليهود. وظلت أنطاكية عاصمة لسورية طوال العصر الرومي والبيزنطي حتى الغزو الإسلامي.
* سلوقية بييرية Seleucia Pieria، وكانت مرفأ مدينة أنطاكية.
* لاوديقية على البحر Laodicea ad Mare، وهي اللاذقية، سماها سلوقس على اسم أمه Laodice.
* أفاميا Apamea، وتقع على بعد 55 كم شمال غرب حماة، كان فيها بيت مال الدولة السلوقية وكانت من أهم المدن السورية. ظلت مزدهرة طوال العصر الرومي والبيزنطي حتى دمرها الفرس الساسانيون أثناء غزوهم لسورية في القرن السابع الميلادي، وبعد الغزو الإسلامي تم إعمارها وعرفت باسم فامية وظلت مدينة مهمة حتى دمرها زلزال عام 1152 ميلادية في زمن الحروب الصليبية.
الحروب السورية
بعد وفاة سلوقس بدأ خلفاؤه بمحاولة توسعة الدولة في آسيا الصغرى وسورية، وأدى هذا إلى نشوء سلسلة من الحروب بين السلوقيين والبطالمة في مصر في القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد عرفت بالحروب السورية تنازع فيها الجانبان على سورية الجوفاء والتي كانت تشكل نقطة عبور استراتيجية إلى مصر وتهديدا للحكم البطليمي فيها في حال سقوطها بيد السلوقيين.
تمكن أنطيوخس الثالث الكبير من السيطرة على سورية الجوفاء نهائيا إثر انتصاره على بطليموس الخامس في معركة بانيوم عام 198 قبل الميلاد خلال الحرب السورية الخامسة، ووقع الاثنان معاهدة عام 195 قبل الميلاد اعترف فيها بطليموس بسيادة السلوقيين على سورية الجوفاء وذلك لكي يتفرغ لمواجهة الاضطرابات الداخلية الجسيمة التي كانت تعانيها مصر في حينه. استنزفت الحروب السورية كلا من السلوقيين والبطالمة وتركتهما في النهاية عرضة للغزو على يد الروم والفرس البارثيين.
الحرب الرومية-السورية
مع صعود الجمهورية الرومية في الغرب اندلعت حرب باردة بين السلوقيين والروم تنازع فيها الطرفان على النفوذ في اليونان وآسية الصغرى، وتحولت هذه الحرب إلى حرب ساخنة في عام 192 قبل الميلاد مع اندلاع الحرب الرومية-السورية في عهد أنطيوخس الثالث والتي دامت أربع سنوات وشمل القتال فيها اليونان وبحر إيجة وآسية الصغرى.
انتهت الحرب بهزيمة كارثية لأنطيوخس حيث اقتضت معاهدة أفاميا التي أنهت الحرب انسحاب السلوقيين من آسية الصغرى إلى ما خلف جبال طوروس مما أدى إلى سقوط آسية الصغرى في أيدي حلفاء روما، وأجبر أنطيوخس على دفع تعويضات حرب هائلة بلغت 15،000 طالنطا من الفضة، وكان من أهم نتائج الحرب أيضا انسحاب النفوذ السلوقي من اليونان مما أدى إلى وقوعها تحت الهيمنة الرومية وصارت روما هي القوة الكبرى الوحيدة المهيمنة في البحر الأبيض المتوسط.
الحرب السورية السادسة
عاد البطالمة وحاولوا غزو سورية الجوفاء مجددا في الحرب السورية السادسة عام 170 قبل الميلاد، ولكن محاولتهم انتهت بهزيمة كبيرة وقيام أنطيوخس الرابع بغزو مصر وحصار عاصمتها الإسكندرية.فاضطر أنطيوخس لإنهاء الحصار والعودة في عام 169 ق.م بسبب قيام ثورة اليهود المكابيين في المقاطعة اليهودية، ولكنه عاد وغزا مصر مجددا بعد ذلك واستولى على قبرص التي كانت تابعة للبطالمة. استنجد البطالمة بالروم قبل وصول أنطيوخس إلى الإسكندرية فأرسل مجلس الشيوخ الروماني مبعوثا إلى الإسكندرية هو غايوس بوبيليوس لاينس والذي خرج لاستقبال أنطيوخس على مشارف الإسكندرية وأبلغه بأنه يحمل إنذارا له من مجلس الشيوخ الروماني يطالبه بالانسحاب من مصر وقبرص فورا، وعندما طلب أنطيوخس مهلة للتفكير رسم بوبيليوس دائرة حوله في الرمال وأخبره أن عليه أن يقرر قبل أن يخطو خارجها. فاختار أنطيوخس الإذعان وبهذا انتهت الحرب السورية السادسة ومعها آمال أنطيوخس في ضم مصر إلى حكمه.
الهلينة وثورة المكابيون
كانت سياسة الدولة السلوقية في أراضيها هي الهلينة (اليوننة)، وعنى هذا فرض الثقافة و اللغة اليونانية، وخلال العصر الهلينستي قدمت أعداد كبيرة من المستوطنين اليونانيين إلى سورية وصارت اللغة اليونانية (الكوينه) هي اللغة الرئيسية، غير أن اللغة الآرامية ظلت اللغة المستخدمة والمحكية، خاصة في الريف.
كانت بعض سكان سورية الجوفاء في العصر الهلينستي من اتباع الديانة اليهودية، ورغم أن قسما كبيرا من اليهود تهلين لغة وثقافة -حاله كحال بقية المجموعات في البلاد- إلا أن قسما آخر رفض الهلينة وخاصة في منطقة المرتفعات الجنوبية من فلسطين والمعروفة حينها بيهوده Iudaea (باللاتيني: يودايا) والتي تحوي المعبد المركزي لليهوديةبيت المقدس ويتميز سكانها بمحافظتهم على استخدام اللغة العبرية في العبادات وأمور الدين بدلا من الآرامية واليونانية اللتان كانتا محكيتين في بقية أنحاء فلسطين السورية.
كانت سياسة البطالمة بخلاف السلوقيين تتميز باحترام أكبر للخصوصيات الثقافية والدينية، وعندما استقر الحكم في المقاطعة اليهودية للسلوقيين في عهد انطيوخوس الرابع بدأ أنطيوخس في دعم التيار المؤيد للهلينة فيها، وتدخل بشكل كبير في تعيينات الكهنة اليهود وقام بفرض الكهنة الذين يوافقون توجهاته دون احترام لآراء اليهود المحافظين. وعندما ثار المحافظون وقاموا بخلع الكاهن الأعلى مينيلاوس والذي نصبه أنطيوخس أعاد أنطيوخس تنصيبه بالقوة، ثم شرع في إصدار قوانين ضد الديانة اليهودية بدءا من العام 167 ق.م إذ أصدر قانونا يحظر تقديم الأضاحي اليهودية ثم قانونا آخر يحظر الختان وعطلة السبت وباقي الأعياد اليهودية، ثم شُرع في نصب مذابح للآلهة اليونانية وتقديم الأضاحي للإله اليوناني زيوس على مذبح الهيكل اليهودي وبلحوم حيوانات محرمة في الشريعة اليهودية وغيرها من الممارسات التي رمت إلى هلينة المنطقة.
أدت هذه الممارسات إلى نشوء حركة التمرد المكابّيّة في عام 166 ق.م بزعامة يهودا المكابي، والتي بدأت في الريف على شكل مجموعات تقوم بتكسير المذابح اليونانية وقتل اليهود الذين يقدمون القرابين عليها وإجبار سكان القرى على إجراء الختان والالتزام بتعاليم الشريعة اليهودية، وتطورت هذه الحركة إلى حرب عصابات ضد الجيش السلوقي، انتهت بدخول المكابيون إلى بيت المقدس وإزالة رموز الديانات الأخرة من الهيكل وإعادة العمل بالشريعة اليهودية، ويحتفل عيد الحانوكة اليهودي بهذه المناسبة.
رد انطيوخوس الرابع بإرسال جيش كبير لسحق التمرد ولكن وفاته في ذاك العام أدت إلى رجوع الجيش، وأرسل جيش آخر في عهد سلفه ديمتريوس الأول Demetrius I تمكن من دخول بيت المقدس وإخضاعها، ولكن دخول الدولة السلوقية بعد ذلك في فترة من الانقسامات والصراعات الداخلية بالإضافة إلى تعرضها للضغط المتواصل من قبل روما والفرس البارثيين سمح بتحول يهوده بحلول عام 143 قبل الميلاد إلى شبه دولة مستقلة نالت اعتراف مجلس الشيوخ الرومي في عام 139 ق.م وعرفت السلالة المكابية الحاكمة لها بعد ذاك بالسلالة الحشمونية.
الحرب الأهلية والانهيار
بعد وفاة أنطيوخس الرابع دخلت الدولة السلوقية في سلسلة من الحروب الأهلية بسبب النزاع على السلطة، وبحلول عام 145 ق.م كانت البلاد منقسمة إلى قسمين؛ قسم يحكمه أنطيوخس السادس ويشمل أنطاكية وما حولها وقسم يحكمه ديميتريوس الثاني من دمشق ويشمل شرق سورية الحالية وبابل وإيران.
ثم بدأت سلسلة الانهيارات في الدولة، إذ هُزم ديميتريوس الثاني أمام البارثيين في عام 139 ق.م وأسر وسقطت الهضبة الإيرانية بالكامل في أيدي البارثيين. واستطاع خلف ديمتيريوس الثاني وهو أنطيوخس السابع أن يوحد الدولة مجددا ولكنه هزم أيضا أمام البارثيين وقتل في المعركة عام 129 ق.م، وسقطت بابل بيد البارثيين. وكان ذها السقوط بداية التحول في المفهوم التاريخي لكلمة "سورية" Syria حيث أنه بعد ذاك التاريخ تغير مفهوم الكلمة من شمولها لكامل الهلال الخصيب إلى حصرها بساحل المتوسط فقط وهي المنطقة التي بقيت في يد السلوقيين ومن بعدهم الروم.
بعد مقتل أنطيوخس السابع انتهت الدولة السلوقية فعليا ودخل ما تبقى منها في حرب أهلية دامت أكثر من 65 عاما تنازع فيها أشخاص عديدون على السلطة وتعرضت البلاد خلالها للغزو أكثر من مرة.
العصر الرومي
دخول الروم
سورية مركز للامبراطورية الرومية الشرقية
بعد مقتل أنطيوخس السابع السلوقي دخل ما تبقى من الدولة السلوقية في حرب أهلية تنازع فيها عدة أشخاص على السلطة، واستفادت البلاد المجاورة من بقاء السلوقيين كمنطقة عازلة، حيث كانت روما تخوض الحرب الميثريداتية الأولى ضد مملكة بنطس الهلينستية في آسيا الصغرى، وكانت بارثية تعاني من غزو الإسقوث والصراع الداخلي.
غزا ملك أرمينية تيغران الكبير سورية وضمها إلى مملكته عام 83 قبل الميلاد بعد أن استدعاه أحد المتنازعين في الحرب الأهلية، ولكن بعض المدن بقيت خارج سيطرته ودانت بالولاء لسلوقس السابع الذي كان صبيا دون سلطة حقيقية.
في عام 73 قبل الميلاد استغل ملك بنطس ميثيدراتس السادس Mithridates VI اندلاع ثورة سيرتوريوس في المقاطعات الرومية في أيبيريا فشن هجوما على الروم، ولكن الروم سرعان ما رتبوا صفوفهم وأرسل مجلس الشيوخ القنصل لوكيوس ليكينيوس لوكلوس Lucius Licinius Lucullus ليواجه ميثيدراتس، وبذلك اندلعت الحرب الميثريداتية الثالثة في آسيا الصغرى.
هزم ميثيدراتس أمام لوكلوس وفر إلى أرمينية التي كان ملكها تيغران صهره وحليفه، وتبعه لوكلوس وغزا أرمينية، وبعد أن أزال لوكلوس سلطة تيغران عن سورية توج سكان أنطاكية أنطيوخس الثالث عشر ملكا في انطاكية السورية، وأقر لوكلوس هذا التتويج على أن يكون الملك الجديد مواليا لروما، ولكن الانقسام سرعان ما دب في المملكة السلوقية العائدة للحياة حيث نازع فيليب الثاني أنطيوخس على السلطة.
رغم أنتصارات لوكلوس العسكرية على تيغران وميثيدراتس إلا أنه لم يتمكن من إلقاء القبض على أي منهما وواجه تمردا في جيشه مما دعى مجلس الشيوخ إلى استبداله ببومبيوس الكبير Pompeius Magnus والذي كان قبلها مشغولا بقمع الثورة في هيسبانيا.
تابع بومبيوس الحرب ضد تيغران وميثيدراتس، وفي عام 66 ق.م استسلم تيغران فعامله بومبيوس بكرم وسمح له بالبقاء ملكا على جزء من مملكته السابقة على أن يكون مواليا لروما. ثم تابع بومبيوس مطاردة ميثيدراتس في القوقاز إلى أن انتحر الأخير عام 63 ق.م في شبه جزيرة القرم، وبهذا تحقق النصر الكامل لروما وصارت مملكة بنطس جزءا من مقاطعة بيثونيا وبنطس Bithynia et Pontus الرومية
في عام 64 ق.م عاد بومبيوس إلى سورية والتي كانت تشهد حربا أهلية بين أنطيوخس الثالث عشر وفيليب الثاني. ورغم محاولة الطرفين المتنازعين -خاصة فيليب- خطب ود بومبيوس إلا أن الأخير كان مقتنعا أنه لا جدوى من بقاء السلوقيين لكثرة مشاكلهم، فقام بعزل أنطيوخس واغتاله بواسطة زعيم قبلي عربي اسمه Sampsiceramus وأعلن تحويل سورية إلى مقاطعة رومانية سناتورية، ما يعني أنها صارت محكومة مباشرة من قبل مجلس الشيوخ (السنات) ويحكمها بروماجسترات promagistratus (ماجسترات سابق، والماجسترات هو موظف الدرجة الأولى في نظام روما الجمهوري) والذي قد يكون إما بروقنصل proconsuls (قنصل سابق، والقنصل يعادل رئيس الحكومة) أو بروبرايتور propraetors (برايتور سابق، والبرايتور يعادل الوزير). أما فيليب الثاني فقد بقي حيا بعد عزل أنطيوخس ورحل إلى مصر وظل هناك حتى عام 56 ق.م عندما اغتاله بروقنصل (حاكم) سورية أولوس غابينيوس Aulus Gabinius.
رغم أن تحول سورية إلى مركز الامبراطورية الرومية في الشرق جاء في أواخر عهد الجمهورية، إلا أن هذه الفترة التي كانت فيها سوريا مركزا هاما في الامبراطورية كانت حافلة بالأحداث الهامة في تاريخ الامبراطورية الرومية منها تجدد الحروب الرومية-البارثية واندلاع الحروب الأهلية الرومية التي سبقت نهاية العهد الجمهوري.
الحروب الرومية-البارثية
الحروب الرومانية-البارثية هي الجزء الأول من سلسلة الحروب الرومية-الفارسية والتي بدأت منذ احتكاك روما مع الفرس لأول مرة عام 92 قبل الميلاد واستمرت بلا نهاية حتى الغزو الإسلامي بعد أكثر من سبعة قرون.
كان مسرح هذه الحروب الهلال الخصيب، وكانت تمتد أحيانا لتصل إلى أرمينية والقوقاز. ورغم أن هذه الحروب كانت حروبا مروعة ومكلفة واستمرت لسبعة قرون إلا أنها لم تسفر عن أي تغير دائم في الحدود بين الإمبراطوريتين، حيث أنه رغم نجاح الفرس في احتلال سورية أو أرمينية أحيانا ونجاح الروم في احتلال ما بين النهرين أو أذربيجان أحيانا أخرى إلا أنه لم تكن لدى أي من الطرفين يوما القدرة الاستراتيجية على الاحتفاظ بالإقليم الذي يحتله، وهكذا فإن النتيجة دائما ما كانت انسحاب المحتل من الإقليم الذي احتله بعد نهبه وتدميره. وكان لاشتداد وتيرة هذه الحروب واشتداد شراستها خلال القرنين السادس والسابع الميلاديين أبلغ الأثر في إضعاف كلي الإمبراطورتين وتركهما فريسة سهلة للفتح العربي الإسلامي.
عندما دخل بومبيوس سورية عام 64 ق.م كانت هناك هدنة بين الروم والبارثيين، ولكن هذه الهدنة انتهت مع قيام الجنرال الرومي ليكينيوس كراسوس بمحاولة غزو فاشلة لما بين النهرين عام 53 ق.م تكبد الرومان خلالها خسائر جسيمة في معركة معركة قرهاي Carrhae (قرهاي هو الاسم اللاتيني لحران)، ورد البارثيون بمحاولة غزو فاشلة أيضا لسورية عام 51 ق.م.
تدخل البارثيون أثناء الحرب الأهلية الرومية الكبرى أو ما يعرف بحرب قيصر حيث أرسلوا قوة لفك الحصار القيصري عن مدينة أفاميا والتي كان محاصرا فيها أحد الجنرالات الموالين لبومبيوس، وبعد انتهاء الحرب أعد قيصر حملة لغزو بارثية إلا أن اغتياله أدى إلى إلغاء الحملة. وفي الحرب الأهلية التي تلت اغتيال قيصر (حرب المحررين) تدخل البارثيون لنصرة بروتوس وكاسيوس قتلة قيصر ضد أنطونيوس وأوكتافيوس المطالبين بدمه، وبعد هزيمة الأولين في معركة فيليبي في اليونان تحالف البارثيون مع أحد الجنرالات الموالين لهما وقاموا بغزو سورية وتقدموا نحو آسيا الصغرى. ولكن انتهاء الحرب الأهلية سمح للروم بصد الغزو البارثي لآسيا الصغرى ثم التقدم نحو سورية وإخراج البارثيين منها بعد معركة عند البوابات السورية في لواء الإسكندرون حاليا. وحاول البارثيون العودة مجددا عام 38 ق.م ولكنه تم صدهم وقتل قائد حملتهم باقوروس Pacorus.
وبعد أن أحكم الروم سيطرتهم على الأقاليم التي استعادوها قاد ماركوس أنطونيوس حملة ضخمة لغزو أذربيجان بالتعاون مع الأرمن، ولكن البارثيين صدوا الهجوم مكبدين الروم خسائر فادحة. وفي عام 33 ق.م عاد أنطونيوس مجددا إلى أرمينية سعيا لتشكيل حلف بينه وبين الميديين ضد بارثية وضد أوكتافيوس خصمه في روما، ولكنه اضطر للمغادرة بعد ذاك وسقطت المنطقة بكاملها في أيدي البارثيين.
نظرا لأهمية موقع سورية على الحدود مع الإمبراطورية البارثية أحد أخطر أعداء روما بالإضافة إلى احتوائها على إقليم اليهودية كثير التمرد فإنه دائما ما كانت هناك قوة عسكرية رومية كبيرة في سورية، وفي العصر الإمبراطوري الباكر (البرينسيسباتي) كان كان هناك ثلاثة فيالق على الأقل متمركزة بشكل دائم في سورية، وهذا الحجم الكبير للجيش السوري جعله دائما ورقة مهمة في الحروب الأهلية الرومية.
نهاية الحشمونين
أعطى بومبيوس عام 64 ق.م مملكة اليهودية وضعا خاصا حيث سمح لها بالبقاء ككيان يهودي على أن تكون تابعة إداريا لمقاطعة سورية الرومية، وهكذا فإن مملكة اليهودية في العهد الرومي لم تكن مملكة مستقلة تدور في فلك روما (بخلاف مملكة أرمينية ومملكة الأنباط اللتين سمح لهما بومبيوس بالاستقلال شرط الولاء لروما ودفع الجزية) ولم تكن اليهودية أيضا مقاطعة رومية مستقلة حيث لم يكن لها حاكم خاص بل كان يديرها برايفكت praefectus وهو مسؤول من الرتبة الإقوسطرية ordo equester وهي رتبة أدنى من الرتبة السناتورية ordo senatorius التي تكون لحكام المقاطعات، وبالتالي فإنه لم يكن يملك الكثير من صلاحيات حاكم المقاطعة والتي بقيت لدى حاكم سورية العام الذي كان مسؤولا عن إدارة جميع الأمور المالية والاقتصادية لليهودية ومن ذلك جمع الضرائب بالإضافة لمسؤوليته عن إجراء التعداد والإحصاء ومن ذلك الإحصاء الشهير الذي أجراه الحاكم كويرينيوس Quirinius في عموم سورية وفلسطين قبيل ولادة المسيح حسب لوقا 2:1-7. قام أولوس غابينيوس حاكم سورية في عام 55 ق.م بتقسيم اليهودية إلى خمس مناطق إدارية عرفت بـ Sanhedrins أو Synedrions (مجالس قانونية) ومنها السنهدرين .
عند الغزو البارثي لسورية واليهودية عام 40 ق.م أزيل ملك اليهودية الحشموني وحكام المناطق الإدارية من مناصبهم ونفي الملك إلى بارثية. كان هيرودوس الأول (هيرود) حاكم الجليل أحد الذين أزيحوا عن مناصبهم ولجؤوا إلى الروم. استغل هيرودوس علاقته مع الروم وتعاون الملك الحشموني الجديد مع البارثيين وأقنع مجلس الشيوخ بتعيينه ملكا على اليهودية عام 40 ق.م رغم أنه لا ينتمي إلى السلالة الحشمونية. وعندما استعاد ماركوس أنطونيوس سورية تم تنصيب هيرودوس ملكا على اليهودية وبذلك انتهى حكم السلالة الحشمونية. وبعد وفاته سنة 4 ق.م تقاسم أبناؤه الثلاثة اليهودية وكان أحدهم، وهو هيرودوس أنطيباس Herod Antipas، هو هيرودوس حاكم الجليل وبيرية خلال حياة يسوع المسيح حسب العهد الجديد
ثورة اليهود الكبرى وهدم بيت المقدس
انتهت الجمهورية الرومية فعليا في عام 31 ق.م مع انتصار أوكتافيوس في معركة أكتيوم البحرية على الجيش المشترك لأنطونيوس وكليوباترا آخر ملوك البطالمة في مصر، ومن ثم حصول أوكتافيوس على العديد من الامتيازات والصلاحيات وآخرها حصوله من مجلس الشيوخ على لقبي أغسطس Augustus (العليّ/المبجل) وبرينسبس Princeps (المواطن الأول) في عام 27 ق.م، وبذلك صار أغسطس فعليا أول أباطرة الإمبراطورية الرومية تحت اسم أغسطس قيصر، رغم أن الجمهورية بقيت اسميا.
عانى أتباع الديانة اليهودية من المشاكل مع الحكام غير اليهود الذين يحكمونهم بصورة مباشرة، وهكذا كان الحال مع الروم الذين كانوا يديرون إقليم يهودية بشكل مباشر وبتدخل كبير في تعيينات الحكام والكهنة، وهذا ما أدى إلى تصاعد التوتر تدريجيا مع الروم، بالإضافة إلى أن النظام الرومي كان يهتم بالسياسة فقط ولكنه لم يكن يهتم بالدين، وبذلك فإن الروم كانوا متسامحين دينيا ويقبلون جميع الأديان، وهذا ما لم يرق لليهود الذين كانوا يمتعضون من رؤية الأديان الغير يهودية تمارس في مناطقهم.
حدث الصدام الكبير لأول مرة في عام 66 م فيما يعرف بالثورة اليهودية الكبرى أو الثورة اليهودية الأولى، وكان سبب اندلاع التمرد هو قيام بعض اليونانيين بتقديم أضاحي من الطيور أمام كنيس يهودي ورفض الدورية الرومية لأن تفعل شيئا، مما أدى إلى سلسلة من الأحداث وردود الفعل قادت في النهاية إلى أعمال عنف ضد المواطنين الروم في القدس وممتلكاتهم وضد المتعاونين معهم من اليهود مما اضطر الملك اليهودي الموالي للروم إلى الخروج من القدس إلى الجليل.
وخلال حصار وسبيانوس لبيت المقدس حدثت تطورات مهمة في روما، حيث خلع مجلس الشيوخ الإمبراطور نيرون واندلعت بعد ذاك حرب أهلية تنازع فيها وسبيانوس وثلاثة أشخاص آخرون على الحكم في سنة 69 ميلادية المعروفة بسنة الأباطرة الأربعة. تحالف وسبيانوس مع حاكم سورية موكيانوس في الحرب الأهلية وترك إكمال حصار بيت المقدس لابنه تيتوس الذي اقتحمها سنة 70، ودمرت المدينة أثناء اقتحامها واضطر تيتوس إلى تدمير الهيكل اليهودي أيضا بسبب تحصن الثوار اليهود فيه، رغم عدم رغبته في ذلك. قال المؤرخ اليهودي يوسيفوس الذي عاش في تلك الفترة أن المدينة سويت بالأرض وأن الزائر لها لا يصدق أنها كانت مدينة مأهولة. كانت حصيلة ضحايا الثورة اليهودية هائلة حيث قدرها يوسيفوس بمليون ومئة ألف قتيل من اليهود وسبعة وتسعين ألف أسير بالإضافة إلى أعداد هائلة من المشردين في أنحاء الإمبراطورية الرومانية. بعد هذه الأحداث اتخذ الرومان إجراءات لتحسين سيطرتهم على الإقليم حيث رفعوا رتبة الحاكم الروماني إلى برايتور praetor لتزيد صلاحياته وقرروا أن يتمركز الفيلق العاشر المضيقي Legio X Fretensis بشكل دائم في الإقليم. وأخيرا انتصر وسبيانوس في الحرب الأهلية وأعلنه مجلس الشيوخ إمبراطورا عام 69 م، وكان الفضل الأساسي في ذلك يعود إلى الفيالق السورية التي دعمه بها موكيانوس وخاصة الفيلق السادس المدرع Legio VI Ferrata.
حرب ترايانوس البارثية وثورة اليهود الثانية
شكل القرن الثاني الميلادي العصر الذهبي للإمبراطورية الرومية من حيث السلم الداخلي والرخاء الاقتصادي والتوسع الخارجي، وكان عصر الإمبراطور ترايانوس Trajanus (بالإنكليزية: تراجان Trajan) هو نقطة الذروة حيث اجتاح الرومان فيه الإمبراطورية البارثية وبلغت الإمبراطورية فيه أقصى اتساعها.
غزا ترايانوس داشيا Dacia (رومانيا الحالية) في عام 106 م، وفي العام التالي ضم مملكة الأنباط وجعلها مقاطعة باسم أرابيا بترايا Arabia Petraea (عربيا البترا أو العربية الصخرية). في عام 113 م قرر ترايانوس أن الوقت قد حان لحل المعضلة البارثية للأبد وذلك بالتفرغ لغزو بارثية وضم أراضيها، وهي سياسة تخالف سياسة من قبله الذين لم يجعلوا غزو بارثية أولوية، فغزا في عام 114 م أرمينية وجعلها مقاطعة رومية، ثم اجتاح ما بين النهرين وجعلها مقاطعة رومية أيضا، واستولى على عاصمة بارثية إقطصيفون Ctesiphon (المدائن)، وتابع المسير إلى الخليج العربي.
ولكن في تلك الأثناء اندلعت ثورة عارمة لليهود المنفيين في شمال أفريقيا (في قورنيقة Cyrenaica (برقة) ومصر) وقبرص، حيث قاموا بهدم وتخريب معابد الآلهة اليونانية والرومية والمصرية والمباني العامة والحمامات وقاموا بإبادة اليونانيين والروم حيث قتلوا أكثر من 220,000 يوناني في برقة وحدها، وتذكر الموسوعة اليهودية أن سكان ليبيا أبيدوا بالكامل تقريبا خلال تلك الأحداث لدرجة أنه أنشئت فيما بعد مستوطنات لاستجلاب السكان. وامتدت الثورة إلى اليهودية وسورية وما بين النهرين بينما كان ترايانوس يحارب البارثيين في الخليج، فقام بإخمادها في ما بين النهرين ونصب ملكا بارثيا عميلا له هناك ثم انسحب إلى أنطاكية ليشرف على إخماد الثورة في سورية. ثم مات بعد ذلك بقليل بالجلطة في عام 117 م وقبل أن يحكم سيطرته على المقاطعات البارثية الجديدة، وعندما تولى سلفه هادريانوس الحكم قرر الانسحاب من جميع المقاطعات الجديدة التي أنشأها تريانوس واعتبار شاطئ الفرات الحد الشرقي للإمبراطورية لأنه رأى أن الاحتفاظ بالمقاطعات البارثية سيشكل عبئا على المدى البعيد لأن هذه المقاطعات لا يمكن الدفاع عنها.
إعادة بناء بيت المقدس وثورة اليهود الثالثة
عندما صعد إيليوس هادريانوس Aelius Hadrianus (هادريان Hadrian) إلى عرش الإمبراطورية الرومية في عام 118 م لم تكن ثورة اليهود الثانية قد أخمدت تماما بعد في اليهودية حيث إلتجئ إليها قادة الثورة في الخارج، وقد قام هادريانوس في العام التالي بتخصيص أموال لإعاد إعمار المباني العامة التي دمرها اليهود في المقاطعات. وبينما كان يقوم بجولة في أنحاء الإمبراطورية في عام 123 م مر هادريانوس ببرقة ورأى بعينيه الخراب الذي أحدثه اليهود، وخصص أموالا للجنود الرومان ولعائلاتهم هناك.
زار هادريانوس بيت المقدس في العام 130 م، وكبادرة حسن نية تجاه اليهود أعلن عزمه إعادة بناء بيت المقدس، ولكن فرحة اليهود لم تتم عندما علموا أنه يعتزم بناء المدينة على النمط الرومي وأنه ينوي أن يبني معبدا روميا جديدا مكان الهيكل، والذي لا بد أنه سيكون مكرسا للإله يوبيتر. ازداد اضطراب اليهود بعد أن بدأت أعمال البناء حيث اعتبر كثير منهم أن "الحرث فوق الهيكل" إساءة دينية عظيمة، واستدعى الروم الفيلق السادس المدرع Legio VI Ferrata من بصرى إلى اليهودية لفرض النظام. وتزايد سخط اليهود أكثر عندما أصدر هادريانوس قرارا بمنع الختان الذي اتفق هادريانوس مع اليونانيين في اعتباره "تشويها وطقسا بربريا".
قرر اليهود الثورة وخططوا لها بعناية ليتحاشوا أخطاء ثورتهم الأولى قبل ستين عاما، وكان قائدهم هو شمعون بَر كوكبا שמעון בר כוכבא (اسم آرامي معناه: سمعان بن كوكبة) والذي فسر اليهود اسمه على أنه يحقق النبوءة الواردة في سفر الأعداد 24:17 وأنه المسيح المخلص المنتظر. ولكن المسيحيين (والذين كانوا لا يزالون حتى ذلك الوقت مجرد طائفة صغيرة من اليهود) لم يتقبلوا ادعاء بر كوكبة بأنه المسيح لاعتقادهم بأن المسيح كان يسوع الناصري، وهكذا فقد ساهمت هذه الأحداث في تعميق التمايز بين المسيحيين واليهود.
بدأ اليهود تحركهم عام 132 م، وقد نجحوا في مباغتة الروم والانتشار بسرعة في أنحاء فلسطين فعزلوا الحامية الرومية في القدس عن باقي المناطق ووضعوا الروم في موقف صعب، وظنوا أنهم نجحوا وبدؤوا في صك عملة لدولتهم الوليدة. ولكن الإمبراطور هادريانوس كان يعد العدة فقد استدعى الجنرال يوليوس سيويروس Julius Severus الخبير في قمع التمرد من بريطانيا واستدعى أعدادا هائلة من القوات حتى أنه استدعى فرقا من حوض الدانوب ويعتقد أن مجموع القوة التي حشدها لم يقل عن اثني عشر فيلقا وهو ما يقارب ثلث الجيش الروماني. ثم بدأت المواجهات وكانت شرسة للغاية حيث استمرت ثلاث سنوات واتبع الروم خلالها سياسة الأرض المحروقة لتحطيم معنويات المتمردين بعد أن كبدهم الأخيرون خسائر جسيمة.
انتهت هذه الحرب بخسائر جسيمة للروم، حيث قاموا بعدها بحل الفيلق الثاني والعشرين الديوتاري Legio XXII Deiotariana مما يدل على تلقيه خسائر فادحة، كما أن هادريانوس عندما بعث إلى مجلس الشيوخ يبلغه بالنصر تحاشى أن يذكر العبارة التقليدية "آمل أنكم بخير، أنا والقوات بخير" في صدر رسالته. ولكن خسائر الروم كانت لا تقاس بخسائر اليهود الذين أدت هذه الحرب إلى استئصال وجودهم من فلسطين، حيث قتل فيها 580,000 يهودي ودمرت 50 بلدة و985 قرية حسب المؤرخ الرومي كاسيوس ديو Cassius Dio. يذكر التلمود أن القتلى كانوا بالملايين، ولكن هذا غير منطقي لأن عدد اليهود في فلسطين حينها لم يكن يبلغ هذا القدر.
بعد هذه الحرب قرر هادريانوس استئصال الديانة اليهودية من الوجود لأنه اعتقد أنها سبب تمرد اليهود المستمر، فقام بإعدام رجال الدين اليهود وحظر التعامل بالشريعة اليهودية والتقويم اليهودي، وأقام احتفالا على جبل الهيكل أحرق فيه المخطوطات الدينية اليهودية، ونصب على الجبل تمثالين أحدهما ليوبتر والآخر لنفسه. وغير هادريانوس اسم مدينة القدس من الاسم اليهودي يوروشلايم Jerusalem إلى إيليا كابيتولينا Aelia Capitolina (إيليا من اسمه Aelius، وكابيتولينا إشارة إلى معبد يوبتر على تلة الكابيتولينة في روما Jupiter Capitolinus). كما غير اسم الإقليم من اليهودية Iudaea (يوديا) إلى سورية الفلسطيّة Syria Palaestina، وحظر تداول الاسم القديم. وكان القرار الأشد وطاة على اليهود هو حظر دخولهم إلى بيت المقدس، الذي خففه قسطنطين الأول بعد حوالي 150 سنة بأن سمح لهم أن يدخلوا المدينة يوما واحدا في السنة لينتحبوا على الحائط الغربي وهو اليوم المعروف لدى اليهود بـ تشعة بآب (التاسع من آب).
ظلت هذه القوانين سارية المفعول حتى دخول المسلمين القدس عام 638 م، إذ أن المسلمين حين فتحوا المدينة سموها إيلياء من Aelia، وكان هذا هو الاسم الشائع لها في العصور الإسلامية الأولى. وكذلك اسم المنطقة كان (ولا يزال) فلسطين من Palaestina وهو تقصير للاسم القديم Syria Palaestina.
كانت نتائج ثورة بر كوكبا كارثة كبرى على اليهود حيث أن من بقي منهم حيا تشرد في أصقاع الأرض ولم يبق منهم في فلسطين إلا أعداد يسيرة جدا متوزعة كأقليات في الجليل والمدن الساحلية ولكن ليس في منطقة اليهودية نفسها، ولهذا السبب حقد اليهود على هادريانوس فلا تذكر مصادرهم اسمه إلا ومعه العبارة שחיק עצמות (يسحق عظمه)، وكذلك كره أحبار اليهود بر كوكبا وسموه بر كوزيبة בר כוזיבא (ابن الكذبة) إشارة إلى كونه مسيحا كاذبا.
حرب أوريليوس البارثية وصعود أويديوس كاسيوس
يعد ماركوس أوريليوس Marcus Aurelius الذي حكم بين عامي 161 م و180 م آخر أباطرة العصر الذهبي لروما، وكان بالإضافة إلى كونه إمبراطورا فيلسوفا رواقيا.
قام البارثيون بقيادة ملكهم Vologases IV بغزو أرمينية قبيل تولي أوريليوس الحكم في عام 161، وعندما حاول حاكم سورية التصدي لهم هزموه وغزوا الرها ونصيبين واجتاحوا بعض المناطق السورية، فاستبدل أوريليوس حاكم سورية بابن عمه الذي كان شابا قليل الخبرة في الثلاثينات من عمره وأرسل معه ثلاثة فيالق من جرمانية والغال. ثم عمت الفوضى في البلاد وقام تمرد في الجيش، فأرسل أوريليوس (الذي كان مشغولا بإدارة الحروب في جرمانية) شريكه في الحكم لوكيوس ويروس Lucius Verus إلى أنطاكية ليشرف على الحرب مع بارثية.
انتصر الروم في الحرب عام 165، ولكن لوكيوس لم يكن له دور كبير في ذلك حيث أنه قضى معظم فترة الحرب في أنطاكية ساهرا مع الغانيات، رغم أنه كان يخرج في الشتاء ليشتي في اللاذقية وفي الصيف ليصيف في دافنة Daphne وهو منتجع قرب أنطاكية. أما الفضل الحقيقي في النصر فعاد للجنرالات من أمثال ماركوس ستاتيوس Marcus Statius Priscus حاكم قبدوقية Cappadocia (في آسيا الصغرى) الذي استعاد أرمينية عام 163، وأويديوس كاسيوس Avidius Cassius الجنرال السوري الصاعد الذي استعاد الرها واجتاح ما بين النهرين وصولا إلى سلوقية (سلوقية على دجلة Seleucia ad Tigrim، شمال شرق بابل) وإقطصيفون عام 165، ولكنه اضطر للانسحاب بعدها بسبب تفشي الوباء في بارثيةكان أويديوس كاسيوس سوريا من مدينة قرهص Cyrrhus شمال سورية، وهي مدينة تاريخية بناها سلوقس الأول وهدمت زمن الحروب الصليبية وتقع آثارها اليوم على بعد حوالي 50 كم شمال حلب، وتعرف باسم النبي هوري. كان كاسيوس من أصل متواضع وكان والده هيليودوروس Heliodorus قد عمل حاجبا لدى الإمبراطور هادريانوس واستطاع بفضل موهبته الخطابية أن يتولى حكم مصر بين عامي 137 و142، ولكنه لم يتجاوز أبدا الرتبة الإقوسطرية.(كانت مقاطعة مصر استثناء بين المقاطعات الرومية في أن حكامها كانوا من الرتبة الإقسوطرية، ويعود هذا الوضع الخاص لماركوس أنطونيوس الذي كان له منه غايات سياسية.) صعد نجم كاسيوس أثناء حرب أوريليوس البارثية حيث كان يقود في الحرب الفيلق الثالث الغالي Legio III Gallica (وهو فيلق سوري) واستطاع اجتياح ما بين النهرين واستولى على أهم مدن بارثية – سلوقية وإقطصيفون.
بعد هذه الانتصارات حصل كاسيوس على عضوية مجلس الشيوخ في روما هو وزميله في الجيش مارتيوس ويروس Martius Verus، ثم صار كلاهما قناصل عام 166 م وهما في الثلاثينات من عمرهما. بعد القنصلية تولى كاسيوس حكم سورية، بينما تولى رفيقه ويروس حكم قبدوقية، وتمكن كاسيوس من قمع ثورة اندلعت في مصر بين عامي 172 و175.
عدل سابقا من قبل نرمان حياتك عذاب في الأحد يناير 30, 2011 10:24 pm عدل 2 مرات
الخميس يوليو 25, 2019 12:37 am من طرف ياتي
» اين هم بنو تغلب اليوم؟
الخميس يوليو 25, 2019 12:29 am من طرف ياتي
» نحن بنو محلّم بن ذهل بن شيبان
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:21 pm من طرف Admin
» هل هذه الاشعار للهجتنا المحلمية؟
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:18 pm من طرف Admin
» كلام يجب أن يُقال!
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:16 pm من طرف Admin
» الفرع هو الذي يتبع الأصل
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:14 pm من طرف Admin
» الكوسوسية في طور عابدين
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:13 pm من طرف Admin
» باعربايا في المصادر التاريخية
الجمعة ديسمبر 28, 2018 6:06 pm من طرف Admin
» العرب بين التاريخ والجغرافية
الجمعة ديسمبر 28, 2018 6:03 pm من طرف Admin
» هل المحلمية قبيلة قائمة بحد ذاتها أم منطقة يُقال لكل من يسكنها محلّمي؟
الأحد نوفمبر 04, 2018 11:52 pm من طرف Admin
» بيت شعر للشيخ يونس بن يوسف الشيباني باللهجة المحلمية
الأحد نوفمبر 04, 2018 11:49 pm من طرف Admin
» السريانية كنيسة وليست قومية
الأحد نوفمبر 04, 2018 11:47 pm من طرف Admin
» وفاة شيخ قبيلة المحلمية رفعت صبري ابو قيس
الأحد نوفمبر 05, 2017 10:56 am من طرف ابن قيس المحلمي
» السلام عليكم
الإثنين أغسطس 21, 2017 11:03 pm من طرف narimen boudaya
» المجموعة الكاملة للفنان جان كارات
الأربعاء يونيو 28, 2017 1:23 am من طرف nadanadoz