هل أنتِ من ماردين ؟ .. لا أنا من Deutschland !
بحكم عملي في مطار بيروت الدولي وأثناء قيامي بعملي وهو تأمين دخول الركاب للطائرة وعدة مهام أخرى لسنا بوارد ذكرها الآن ، مرّت مسافرة من أمامي تنتظر المرور وإدخال بطاقة الدخول على الحاسوب ، فطلبت جوازها والبطاقة فقرأت إسمها وهي سيدة من آل عميرات فابتسمت لها بحكم كونها من قومي ومن ماردين ، ومثلما يقال في لبنان "الدم بيحن !" فأقدمت على سؤالها مبتسماً : "سيدتي هل أنت من ماردين ؟" فردّت بالقول بوجه خال من التعابير : "لا أنا من Deutschland ..." . وعندما رأت أن جوابها قد أثار حفيظتي عادت للقول أن أصلها ومنذ القدم من ماردين وهمّت بالدخول للطائرة .
هذه الحادثة تعود وتطرح مشكلة قديمة جديدة عند أهلنا عرب ماردين في المهجر وخصوصاً في لبنان و ألمانيا وباقي الدول الأوروبية ، وهي أزمة الهوية والإنتماء .. نعم أزمة ! لأنها قطعت وبأشواط مرحلة أو صفة المشكلة .
هذه المشكلة التي لطالما حيّرتني وأثارت التساؤل لدي لماذا المحلّمي والراشداني والمخاشناني وباقي عرب ماردين في المهجر يحتارون أو يترددون بذكر أصولهم ولماذا هذا الشعور بالإنتماء المبالغ فيه للدول التي استضافتهم والذين أصبحوا من نسيجها الإجتماعي ؟
أعلم أنه من الجيد والمهم الإندماج بالمجتمع والإنخراط فيه وأن الإنعزال سلبياته أكثر من إيجابياته ، ولكن هل على الفرد إذا أراد الإندماج في مجتمع هاجر إليه أو عاش فيه أو حتى ولد فيه ، وهو ليس بمجتمعه أو بلده الأصلي وأن له مكان ينتمي إليه وأتى منه أباً عن جد مثلما يقال وأن هو موطنه الأصلي، أن ينسى هذا الوطن والمكان حتى يحقّق هذا الإندماج . وبالمناسبة هذا الإندماج الذي تتّهم هذا الدول الأقليات المهاجرة إليها بأنها لا تسعى ولا تألو جهداّ للوصول إليه وهذا سبب التمييز ضدهم داخل المجتمع ، وأن جماعتنا تتعرّض لكلّ أنواع التمييز والمضايقات والتضييق ومن غياب الحقوق من مدنية وسياسية ، زد على ذلك إشعارهم بالمنّة لإستضافتهم في هذه البلاد.
وكلّنا نعلم أن من نتائج الإندماج وآثاره الوصول لمرحلة الولاء والإنتماء ، ولكن لأي درجة من الإنتماء يجب على الفرد الشعور به وإلى أي حد ؟ قبل أن يؤدي هذا الولاء والإنتماء ويوصل صاحبه لدرجة التخلّي عن الأصل ونسيان الهوية وتغييرها ؟ أتكلم هنا عن الهوية الثقافية والقومية والعرقية واللغوية للمرء.
قد أتفهم ردود بعض أفراد جماعتنا في الماضي عندما كانت درجة التمييز والمعاناة أكبر وأصعب ولكن لا أفهمها وبأي شكل من الأشكال اليوم خصوصاً أن الكثير من أبناء ملّتنا قد حملوا جنسية البلد المستضيف وقد أدّوا لهذه البلاد الواجبات المطلوبة وزادت عليها ، حتى وصلت تضحيات قومنا للدم وفي مناسبات لم يكن عليهم الوصول لهذه الدرجة من التفاني ولكن ماذا نستطيع القول ؟ إنها حميّة ونخوة المحلّمي والعربي-المارديني ومبادئه التي توارثها من قومه العرب والتي انتقلت مع الأجيال حتّى أصبحت في الجينات وجزءاً من تربيته .
لماذا لا نكون جميعنا مثل باقي الأمم والملل والأقوام ؟ نفتخر من أين أتينا ونرفع رؤوسنا بذلك ، ولو اضطر بنا الأمر للمعيش في الجزء الثاني من العالم وأن غبنا عن هذا المكان لسنين ، وحتى لو لم تراه أعيننا منذ ولدنا ، خصوصاً وأن لقومنا تاريخ في هذا المكان وسمي المكان بإسم أجدادنا .
نحن عندما نخجل أو نتناسى ونتجاهل المكان الذي أتينا منه ، ونندمج بالمجتمع الجديد الذي نعيش فيه ، ماذا نكون قد فعلنا بأنفسنا وبتاريخنا وبثقافتنا ولغتنا ولهجتنا وبأرضنا ونسيجنا الإجتماعي ؟ من هو المستفيد من هكذا أمر ؟ أليس الطامع بالأرض والمحوّر للتاريخ والحالم بوطن بعيد عن الواقع والتاريخ .. مصطنع ألهمه إياه المستعمر !
نعم أنا أشعر بالإنتماء لمدينتي الحبيبة بيروت وولدت وعشت فيها وتعلّمت وعملت ولا زلت ، وأعتبر لبنان وطني الثاني وقضاياه الوطنية قضاياي أناضل مع غيري من أجلها وأتبنّاها ولكن ذلك لا يعني أن أنسى وطني الأول والذي هو حالياً تركيا ، ومملكتي وأرض أجدادي محافظة ماردين و جبل الطور جبل أجدادي منذ قرون تجاوزت الألفية و النصف !
هذا الأمر لا يعني أن أنسا نسبي وتاريخي و ثقافتي ولهجتي وعاداتي وأسقط عادات أخرى مكانها ، نعم أصبحت العقلية اللبنانية البيروتية عقليتي الجديدة ولكنها لا تزاحم العقلية المحلمية أو التركية بل زاوجتها ، واللهجة البيروتية لهجتي اليومية خارج منزلي و بيئتي ، والثقافة والعادات العربية واللبنانية جزءاً مني تأتي بعد ثقافتي وعاداتي الماردينية المحلّمية .
في النهاية أدعو أهلي وإخواني المحلّمية خصوصاً وعرب ماردين عموماُ إلى مراجعة الذات والنظر في حال أقوام آخرين ماذا جلب لهم التمسّك بالأرض والوطن والفخر بذلك من حسنات وعزّة وكرامة وماذا جلب لهم التخلّي عن الإنتماء والأرض والنسب والوطن من ذلّة وضعف وهوان .
حلّ هذه المشكلة لا تقف عند هذا الحد بل هنا يبرز دور كل مثقّف من أبناء جماعتنا ضرورة تعريف العوام والبسطاء والشباب والصغار بتاريخهم وبأوطانهم ونسبهم و توعيتهم على حسنات صلة الرحم والتعلّق بالأرض والتفاخر بالإنتماء لأرض الأجداد أينما كانت وكيفما كانت ، فكيف الحال إذا كانت أرض جميلة شهدت حضارات عدّة ومعقل للأولياء والقدّيسين ومرقد للشهداء والصالحين يحيطها نهران مياههما من مياه الجنّة ؟!
بحكم عملي في مطار بيروت الدولي وأثناء قيامي بعملي وهو تأمين دخول الركاب للطائرة وعدة مهام أخرى لسنا بوارد ذكرها الآن ، مرّت مسافرة من أمامي تنتظر المرور وإدخال بطاقة الدخول على الحاسوب ، فطلبت جوازها والبطاقة فقرأت إسمها وهي سيدة من آل عميرات فابتسمت لها بحكم كونها من قومي ومن ماردين ، ومثلما يقال في لبنان "الدم بيحن !" فأقدمت على سؤالها مبتسماً : "سيدتي هل أنت من ماردين ؟" فردّت بالقول بوجه خال من التعابير : "لا أنا من Deutschland ..." . وعندما رأت أن جوابها قد أثار حفيظتي عادت للقول أن أصلها ومنذ القدم من ماردين وهمّت بالدخول للطائرة .
هذه الحادثة تعود وتطرح مشكلة قديمة جديدة عند أهلنا عرب ماردين في المهجر وخصوصاً في لبنان و ألمانيا وباقي الدول الأوروبية ، وهي أزمة الهوية والإنتماء .. نعم أزمة ! لأنها قطعت وبأشواط مرحلة أو صفة المشكلة .
هذه المشكلة التي لطالما حيّرتني وأثارت التساؤل لدي لماذا المحلّمي والراشداني والمخاشناني وباقي عرب ماردين في المهجر يحتارون أو يترددون بذكر أصولهم ولماذا هذا الشعور بالإنتماء المبالغ فيه للدول التي استضافتهم والذين أصبحوا من نسيجها الإجتماعي ؟
أعلم أنه من الجيد والمهم الإندماج بالمجتمع والإنخراط فيه وأن الإنعزال سلبياته أكثر من إيجابياته ، ولكن هل على الفرد إذا أراد الإندماج في مجتمع هاجر إليه أو عاش فيه أو حتى ولد فيه ، وهو ليس بمجتمعه أو بلده الأصلي وأن له مكان ينتمي إليه وأتى منه أباً عن جد مثلما يقال وأن هو موطنه الأصلي، أن ينسى هذا الوطن والمكان حتى يحقّق هذا الإندماج . وبالمناسبة هذا الإندماج الذي تتّهم هذا الدول الأقليات المهاجرة إليها بأنها لا تسعى ولا تألو جهداّ للوصول إليه وهذا سبب التمييز ضدهم داخل المجتمع ، وأن جماعتنا تتعرّض لكلّ أنواع التمييز والمضايقات والتضييق ومن غياب الحقوق من مدنية وسياسية ، زد على ذلك إشعارهم بالمنّة لإستضافتهم في هذه البلاد.
وكلّنا نعلم أن من نتائج الإندماج وآثاره الوصول لمرحلة الولاء والإنتماء ، ولكن لأي درجة من الإنتماء يجب على الفرد الشعور به وإلى أي حد ؟ قبل أن يؤدي هذا الولاء والإنتماء ويوصل صاحبه لدرجة التخلّي عن الأصل ونسيان الهوية وتغييرها ؟ أتكلم هنا عن الهوية الثقافية والقومية والعرقية واللغوية للمرء.
قد أتفهم ردود بعض أفراد جماعتنا في الماضي عندما كانت درجة التمييز والمعاناة أكبر وأصعب ولكن لا أفهمها وبأي شكل من الأشكال اليوم خصوصاً أن الكثير من أبناء ملّتنا قد حملوا جنسية البلد المستضيف وقد أدّوا لهذه البلاد الواجبات المطلوبة وزادت عليها ، حتى وصلت تضحيات قومنا للدم وفي مناسبات لم يكن عليهم الوصول لهذه الدرجة من التفاني ولكن ماذا نستطيع القول ؟ إنها حميّة ونخوة المحلّمي والعربي-المارديني ومبادئه التي توارثها من قومه العرب والتي انتقلت مع الأجيال حتّى أصبحت في الجينات وجزءاً من تربيته .
لماذا لا نكون جميعنا مثل باقي الأمم والملل والأقوام ؟ نفتخر من أين أتينا ونرفع رؤوسنا بذلك ، ولو اضطر بنا الأمر للمعيش في الجزء الثاني من العالم وأن غبنا عن هذا المكان لسنين ، وحتى لو لم تراه أعيننا منذ ولدنا ، خصوصاً وأن لقومنا تاريخ في هذا المكان وسمي المكان بإسم أجدادنا .
نحن عندما نخجل أو نتناسى ونتجاهل المكان الذي أتينا منه ، ونندمج بالمجتمع الجديد الذي نعيش فيه ، ماذا نكون قد فعلنا بأنفسنا وبتاريخنا وبثقافتنا ولغتنا ولهجتنا وبأرضنا ونسيجنا الإجتماعي ؟ من هو المستفيد من هكذا أمر ؟ أليس الطامع بالأرض والمحوّر للتاريخ والحالم بوطن بعيد عن الواقع والتاريخ .. مصطنع ألهمه إياه المستعمر !
نعم أنا أشعر بالإنتماء لمدينتي الحبيبة بيروت وولدت وعشت فيها وتعلّمت وعملت ولا زلت ، وأعتبر لبنان وطني الثاني وقضاياه الوطنية قضاياي أناضل مع غيري من أجلها وأتبنّاها ولكن ذلك لا يعني أن أنسى وطني الأول والذي هو حالياً تركيا ، ومملكتي وأرض أجدادي محافظة ماردين و جبل الطور جبل أجدادي منذ قرون تجاوزت الألفية و النصف !
هذا الأمر لا يعني أن أنسا نسبي وتاريخي و ثقافتي ولهجتي وعاداتي وأسقط عادات أخرى مكانها ، نعم أصبحت العقلية اللبنانية البيروتية عقليتي الجديدة ولكنها لا تزاحم العقلية المحلمية أو التركية بل زاوجتها ، واللهجة البيروتية لهجتي اليومية خارج منزلي و بيئتي ، والثقافة والعادات العربية واللبنانية جزءاً مني تأتي بعد ثقافتي وعاداتي الماردينية المحلّمية .
في النهاية أدعو أهلي وإخواني المحلّمية خصوصاً وعرب ماردين عموماُ إلى مراجعة الذات والنظر في حال أقوام آخرين ماذا جلب لهم التمسّك بالأرض والوطن والفخر بذلك من حسنات وعزّة وكرامة وماذا جلب لهم التخلّي عن الإنتماء والأرض والنسب والوطن من ذلّة وضعف وهوان .
حلّ هذه المشكلة لا تقف عند هذا الحد بل هنا يبرز دور كل مثقّف من أبناء جماعتنا ضرورة تعريف العوام والبسطاء والشباب والصغار بتاريخهم وبأوطانهم ونسبهم و توعيتهم على حسنات صلة الرحم والتعلّق بالأرض والتفاخر بالإنتماء لأرض الأجداد أينما كانت وكيفما كانت ، فكيف الحال إذا كانت أرض جميلة شهدت حضارات عدّة ومعقل للأولياء والقدّيسين ومرقد للشهداء والصالحين يحيطها نهران مياههما من مياه الجنّة ؟!
الخميس يوليو 25, 2019 12:37 am من طرف ياتي
» اين هم بنو تغلب اليوم؟
الخميس يوليو 25, 2019 12:29 am من طرف ياتي
» نحن بنو محلّم بن ذهل بن شيبان
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:21 pm من طرف Admin
» هل هذه الاشعار للهجتنا المحلمية؟
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:18 pm من طرف Admin
» كلام يجب أن يُقال!
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:16 pm من طرف Admin
» الفرع هو الذي يتبع الأصل
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:14 pm من طرف Admin
» الكوسوسية في طور عابدين
الثلاثاء يونيو 25, 2019 5:13 pm من طرف Admin
» باعربايا في المصادر التاريخية
الجمعة ديسمبر 28, 2018 6:06 pm من طرف Admin
» العرب بين التاريخ والجغرافية
الجمعة ديسمبر 28, 2018 6:03 pm من طرف Admin
» هل المحلمية قبيلة قائمة بحد ذاتها أم منطقة يُقال لكل من يسكنها محلّمي؟
الأحد نوفمبر 04, 2018 11:52 pm من طرف Admin
» بيت شعر للشيخ يونس بن يوسف الشيباني باللهجة المحلمية
الأحد نوفمبر 04, 2018 11:49 pm من طرف Admin
» السريانية كنيسة وليست قومية
الأحد نوفمبر 04, 2018 11:47 pm من طرف Admin
» وفاة شيخ قبيلة المحلمية رفعت صبري ابو قيس
الأحد نوفمبر 05, 2017 10:56 am من طرف ابن قيس المحلمي
» السلام عليكم
الإثنين أغسطس 21, 2017 11:03 pm من طرف narimen boudaya
» المجموعة الكاملة للفنان جان كارات
الأربعاء يونيو 28, 2017 1:23 am من طرف nadanadoz